حقيقة الارهاب في ارض العرب (2)


لهيب مستعر يشتعل في كل بقعة من الارض ، مئات هنا يقتلون وعشرات هناك يشوهون ، عمليات انتحارية هنا واخرى هناك ، تهديدات ووعيد من قبل فرد او اشخاص تحت توقيع جماعة ما انصار الموت او مجاهدي الدم الاحمر او او غيرها من المسميات ، اوبئة وامراض غريبة تظهر كل يوم ترعب البشر وتشغل العلماء ، اعاصير وكوارث طبيعية ، فلم لا حتى الارض والطبيعة غاضبة ومستنكرة لكل ما يجري من فوضى وموت وقتل ورعب فى الارض .

واذا ما القينا نظرة تأمل لما يجري على كل ما حولنا وخاصة في بلاد العرب فماذا نرى في خير امة اخرجت للناس ، اليس هذا ما جاء في كتاب الله الكريم( كنتم خير امة اخرجت للناس ) ويحتج البعض وخاصة ادعياء الايمان والفهم في امر الدين والشريعة الاسلامية وخاصة من الاصوليين الذين للاسف هم من يقودوا زمام امر تلك الامة هذه الايام، يحتج هؤلاء ويغضب اذا ما انتقد احدهم تلك الامة او اعترض على الاخطاء الكثيرة التي يقوم بها ابنائها ويريدون تكميم افواه البشر الذين خرجوا من صمتهم الطويل ازاء كل العنف والدمار الكبيرين الذي غالبا" ما يكون مثل هؤلاء المتعصبين والاصوليين ورائهما ، وحتى احتجاجهم وغضبهم يصدر بشكل اعمى وضيق ومظلم فهم ما زالوا ينظرون للاسلام كدين بعقلية ومفهوم البسطاء الذين نزل عليهم الاسلام لاول مرة قبل اكثر من الف عام ، كما ينظرون اليه على انه عبارة عن تعطيل خير امة اخرجت للناس اكثر واكثر وارجاعها الى الوراء عقودا" طويلة وحصرها في التعاليم الدينية وتحويل مجتمعاتها الى مساجد وحلقات ذكر دون النظر الى ما يجري في العالم من كوارث واحداث وثورات علمية وسياسية ومعلوماتية ، يريدون لخير امة ان تنظر الى العالم باعينهم العمياء التي لاترى من الحياة التي وهبها الله للبشر وامرهم واباح لهم الاستمتاع بها وتطويرها دون المساس بحريات وحياة الاخرين ومعتقداتهم ، وعدم مسك الهراوات والعصي لابناء تلك الامة وقيادتها الى كل الاحباط والمصائب والعنف الذي تعيشه الان.

وما يثير الالم والاسى في هذه الامة غياب العدل وطغيان الظلم في كل مفاصل حياتها وخاصة ظلم الافراد للافراد والكبار للصغار والاقوياء للضعفاء وما اكثر الاقوياء والمتجبرين والمتسلطين في تلك الامة ، كما ان غياب العدل الذي اصبح السمة الاولى والميزة التي تميز العالم باجمعه وامة العرب بشكل خاص التي وضع الله على ارضها وفي ارضها كل خيراته من الموارد الطبيعية الغنية التي لاتمتلك بقع اخرى من العالم عشرها، ولكن سؤال طرحه ويطرحه الكثيرون من ابناء تلك الامة ولا يجدون جوابا" شافيا" وواضحا" له وهو : اين هي ثروات تلك الامة ؟؟؟ ولماذا لايكف واضعي الايدي عليها من مللاْ كروشهم وارصدتهم بها ، الا يكفي ما سرق ونهب من خيرات تلك الامة وما قدم من عطايا وهبات للامم والحيتان في الامم الاخرى التي تنعم هي وشعوبها منذ خلق البشرية بالخير ، في حين تجد الاف مؤلفة من شباب تلك الامة غارقين في اليأس من سوء اوضاعهم الاقتصادية والمعاشية ، الامر الذي جعلهم اما ان يصبحوا فريسة للاجرام او الادمان على المخدرات او وسائل سهلة الاستخدام من قبل ذوي المصلحة الاولى لابقاء هذه الامة في تمزقها وسباتها الازلي مقابل ثمن بخس اشباع بطونهم وبعض من رغباتهم الادمية .

انا هنا لست بصدد الدفاع عن هؤلاء الشباب او ايجاد مبرر لهم للسقوط في مستنقع الارهاب والقتل والتدمير ، لابل هي دعوة اوجهها الى كل المعنيين الشرفاء الذين مازالت ضمائرهم حية ان يدرسوا ويبحثوا عن اسباب الارهاب والقتل والعنف الذي يغرق الامة وخاصة العراق منذ اشهر طويلة ويجدوا الحلول والمعالجات العلمية والعملية والجدية لاستئصاله من جذوره وتنظيف الارض منه ، لا ان يظلوا يرددوا الاغنية القبيحة السمجة التي مازلنا نسمعها منذ وقت طويل بانهم يعملون من اجل مكافحة الارهاب والعنف في بلاد العرب ويحفظوا للاسلام بعض ما تبقى له من سمعة طيبة لم يستطع مثل هؤلاء ومن يقف ورائهم والظروف السيئة ان تشوهها، كما انه اذا ما ظل الظلم والتمييز سائدا" في هذه الامة فلن تنعم حتى قيام الساعة بالامان والاستقرار، هذه الامة تحتاج لمعجزة كي يتحقق فيها العدل وتعم المساواة بين الغني والفقير وتقسم الثروات من قبل واضعي اليد عليها من حيتانها ويعطى لكل انسان حقه وحجمه فيها ، عندها سيفكر من يرمي نفسه للموت والارهاب مئات المرات قبل لن يضحي بحياته ذات القيمة ، او يرمي كل ما في بلاد العرب وراء ظهره ويهاجر الى بلاد الغرب او يتحول الى فرد سلبي مخرب او مجرم ، لانه اذا غاب العدل فلنقرأ على الدنيا السلام.

اكرام الراوي/لاهاي
16/11/2005