بعضكم و الجلاد وجهين لعملة واحدة
لم يترك الكتاب و المؤرخون و الباحثون من الكورد و العرب زاوية من زوايا الصفحات البيضاء إلا و احبروها بقصص ظلامات الشعب الكوردي على يد جلاديهم منذ قديم الأزل ، و قد توارث
الأبناء و الأحفاد تلك الظلامات التي أضيفت الى ظلامات جديدة مع تجدد الحياة . لذا فلا اريد لمقالي هذا ان يكون رسالة تظلم ، انما هي رسالة رثاء للنضال الذي تحول الى خيانة في مقاييس العراق
الجديد ، فعزائنا شديد و ألمنا اشد يا أبناء الخال .
محمد مامي الخطاط .. و من لا يعرف الرجل فلا يهدر وقته في قراءة هذه الاسطر ، ذلك الرجل الذي افنى جل عمره و ماله في سبيل القضية الكوردية ، و ان كانت تلك التضحية تعد في مقاييس
التاريخ كقطرة ماء في بحر التضحيات ، لكنها كبيرة و عميقة و غزيرة في المقياس لذاتي لذلك الرجل ، و عندما يكون المرء مستعداً للتضحية بنفسه ، فلا تعنيه حينذاك تضحيات القوم من قبله و من
بعده ، و حينها تتساوى المقاييس و يصبح الواحد كالألف .
كان المأخذ الوحيد على محمد مامي انه كوردي .. و كوردي فيلي ، و ذلك من منظار ظالم تعسفي مستبد جائر .. فحيث كان يتفاخر بقوميته و يتكلم باللغة الكوردية و هو رافع الرأس ، كانت النوايا
تبيت له كما كانت تبيت للكثيرين من أبناء جلدته .. و هكذا وبين الكر و الفر أضاع و أضاعوا أحلى أيام الشباب . و حينما كان لابد من الاستقرار ، كون أسرته على أساس أنساني بحت ، لا على
أساس عرقي او طائفي او مصلحي ، فقد كانت الإنسانية سيدة زمانها و لها كلمتها التي تذيب جليد الساسة و المتعصبين . و هكذا و كسنةً للحياة .. علق وسام قوميته على صدور أبناءه الخمس . و
استمر بتربيتهم بما قل و دل من الماديات ، و ما كثر و زاد في الدلالة من التربويات و المعنويات .
و حينما كبر و شب الصبيان و البنات .. آثر الفراق على الدفء العائلي ، و فضل ابعادهم و هو في اشد الحاجة لهم لئلا يصيبهم من شر ما اصابه لأنهم من الكورد الفيلية بحسب السجلات الحكومية ،
و لأنه قد ذاق من الكؤوس المرة في اخوته و عشيرته الذين أصابهم ما أصابهم .
و حين فرجَََُ الله ، و كشْف الغمة ، و انحسار الأزمة .. ارتدى محمد مامي جديد الثياب و اتجه حاملاً على رأسه تاج الشيب الى الصوت الذي يمثله و بصيص النور الذي سينير ظلمته و ظلمة ابناءه
في الغربة .. ليصرح له الدعي النكرة بأن ليس له و لا لأبناءه أي حق ، بل و زاد في انكاره لكورديتهم لأنهم فشلوا في اختبار عينات الدم ، فقد أوضحت النتائج ان هناك بعض كريات الدم هي
عربية ، فلم يكن ذلك الدم كورديا خالصاً 100 % .
و ها هو التاريخ يعيد نفسه .. فكما اتهم الرجل و ابناءه بأنهم كورد فيلييين سابقاً ، فإن ابناءه الآن يتهمون بأنهم ( عرب ) . و ها نحن امام وجهان لعملة واحدة .
أهذه هي واجهاتكم يا أحزاب كوردستان ؟؟ .. و التي أجلستموها خلف المكاتب الفخمة لاستقبال مناضليكم ؟؟ و ما هو الفرق بين البعض الذي اتهم الرجل بالكوردية و بينكم حين تتهمون ابناء
الكوردي بالعربية ؟؟
فوالله عجز لحالكم القول .. إلا المثل القائل ( نفس الطاس و نفس الحمام ) .
سلام محمد مامي فيلي
Salammami73@yahoo.com
المصدر: صوت العراق، 15/11/2005