من أنتخب ، ومن لا أنتخب؟
المهندس صارم الفيلي أستكمالا لمقالي السابقة التي أنتهيت بها عند نقطة الصفات المطلوبة في نواب البرلمان العراقي القادم الذي سيكون بعون اللة تعالى برلمانا متوازنا ، يؤدي دوره التشريعي
والرقابي بالدرجة القصوى المتاحة .
وانا أكتب هذه السطور ،أريد ان أذكر بتأكيد سماحة المرجع الأعلى في النجف الأشرف عن طريق ممثله في كربلاء ، كما تناقلته وكالة الأنباء الفرنسية ، على أن المرجعية العليا في النجف الأشرف
لن تتبنى أي كيان سياسي في الأنتخابات المقبلة .
منوها كذلك لضعف الأداء الحكومي في بعض المفاصل الحكومية بقوله «اصاب قطاعات الشعب بحال من اللامبالاة وعدم الرضى عن هذه الحكومة» .
لينقل المرجع الأعلى دام ظله والمرجعية الرشيدة في النجف الأشرف الشعب العراقي بصورة عامة الى قلب الحدث السياسي المرتقب ، ليختار ممثليه بدقة وعناية فائقتين ، لأن المواطن سيختار من
خلالهم طبيعة ما يتطلع اليه من عيش كريم على كل المستويات المادية والروحية ، يتناسب ومعاناته الطويلة وغير المنتهيه لحد كتابة هذه السطور.
ففي الوقت الذي نؤكد فيه عدم مقبولية فرض أحد وصايته على المواطن العراقي ، أو أن يعامله ككتلة قومية أو مذهبية منغلقة موضوعة في صندوق مختوم بختم الخلود الأبدي ، في خدمة عناوين
حزبية رنانة ، أو أصنام سياسية في طور التشكيل على المستوى الشخصي والحزبي ، كأنهم وحدهم من سينقذ العراق من حلقة الأرهاب والفساد المفرغة ، بمعنى صعوبة العثور على المعالجات
الضرورية ، التي تتطلب منا ان نتسائل ، من أين نبدأ ، تفاديا من الوقوع في مازق ان يكون الدواء هو مايعمق الداء ،بتفاعل متسلسل يتجة أتجاها مستقبليا سلبيا ، ويكاثره بطريقة أميبية متسارعة
لتقضي على الزخم المقابل الحاصل بسبب جهودالكثيرين من الأكفاء في الحكومة الحالية ، والبرلمان الحالي .
نقول في نفس الوقت على كل أنسان عراقي مسؤولية ان يدلو بدلوه ، لنصل خلال الأسابيع القادمة القليلة الى رؤية مشتركة ، تلقي ضوءا واضحا على الأشخاص والكيانات ، بشكل يوازن السلبيات
والأيجابيات الموجودة عندها .
دون ان نبخس حقوق المتصدين للعملية السياسية الحالية ، ولكن بفرز ماقدموه كأشخاص ، وكيانات سياسية ينتمون لها بشكل منفصل، مع الأخذ بنظر الأعتبار ، من خرج ليشكل أئتلافه الخاص رغم
أنه باقي ضمن الحكومة والبرلمان لحين الأنتخابات .
كذلك ان نكون موضوعيين في أطلاق أحكامنا على المرحلة بمعنى أخذ الأمكانيات المتاحة أمام الجميع بعين الأعتبار، وحدود التحرك المسموحة ، دون ان نعطي براءة مجانية لمن حاول أن يخفي
بعض هذه الجوانب على عموم الشعب .
وفي المقابل الأبتعاد عن ثقافة التخوين ومنهج التسقيط لأحد عند الأفتقار لأدلة واضحة أو قرائن معتبرة .
لا ننكر تسلل من لم يكن كفؤا في الفترة السابقة عبر الأئتلاف العراقي الموحد الذي كنا نتأمل منه أن يكون أئتلاف الغالبية المستضعفة ، نعم ، بل أستحوذ البعض على جهود الفاعلين قبل سقوط الجرذ ،
وجير آهات الثكالى والمحرومين لصالح ذاته في أضيق صورها .
بعد أن كان هذا البعض بعيدا عن الساحة ، بل معارضا عن بعد لعملية التغيير ، وعند حصولها نجده كان في مقدمة صفوف المستفيدين منها .
في المقابل فقد ضمت القائمة أسماء وعناوين بارزة ، متميزة، سواء في قوافل الشهداء التي قدموها خدمة للعراق والشيعة بشكل خاص ، أو المشاركة المباشرة في مقارعة الدكتاتورية، وكذلك غير
المباشرة .
مع اخذ من قدم الأنفس الزكية المضحية في المقدمة .
السؤال الذي يجب على كل عراقي طرحه على نفسه الى نهاية يوم الأنتخابات هو : كيفية تلافي السلبيات التي أفرزت "بضم الهمزة " عن الأنتخابات السابقة لتؤدي لوصول البعض الذي تنقصه الكفاءة
وربما الأهلية للبرلمان والسلطة التنفيذية على أكتاف الآخرين وبأسلوب ملتوي ، يأملون بتكراره.
كي لا يصبح حال العراقيين أمام، بائع الجمل والقطة معاً، على أن يكون سعر الجمل عشرة دراهم وفاءا بنذره، وسعر القطة بألف درهم رعاية لسعر الجمل .
لا أدعي بتوفري على جواب قطعي لكن تحضرني بعض المعايير التي أجد من المناسب ذكرها ، كوني كعراقي ، ربما يضيف شيئا ما الى جهود الآخرين ، وعقلا الى عقول الطيبين : آ- أنتخب
الكادر السياسي صاحب الموقف المستقل لنفسه ، ويريدها أيضا للأخرين ، والأستقلالية هنا ليست معاكسة للحزبية.
بل للأحتكار الحزبي السياسي ، الذي لا يميز بين فواصل الدولة والتنظيم ، بل يختزل الأولى في الثانية .
ليحجر على الولادة الطبيعية للكوادر السياسية والأدارية والمهنية ، ليتعامل مع دائرة ضيقة ، وطاقم محصور بعدد من الشخصيات ، ربما كانوا صحبة له ، أو جيران عندما كان في المهجر ، مستكينا
مبتعدا عن الساحة ، هكذا شخص يضع معايير مشوهة أمام الآخرين وهم يحاولون الحصول على الوظائف وفقا لمؤهلاتهم ، يتشرط عليهم من خلال نوعه ، في بعض الأحيان ، قولا أو تلميحا ، بملئ
أستمارة الأنتماء الحزبي كوسيلة للحصول على الوظيفة .
هكذا سياسي لايمكن للعراقيين في المرحلة القادمة الأطمئنان له ، وتسليمه مستقبلهم القادم .
ويكون بذلك هو ومن على شاكلته عالة على الأئتلاف الذي ينتمي أليه ، وان ضم هذا الأتتلاف الكثيرين من الأخيار .
ب- لا أنتخب من أظهر أستعدادا لخيانة أتتلافه ، رغم كونه متعبدا متدينا ، لتحقيق أمتيازات الذات القميئة على حساب الأغلبية المضطهدة .
لا أنتخب صياد المناسبات والفرص ، الذي يبذل جهده ، جعجعة كلامية ، ليكون في الصدارة ، انه ومن على شاكلته ، ومن دونهم " من غير الطيبين المنتمين لحزبه " يعرفون من أين تؤكل الكتف ،
مستعدون للتضحية حتى بألآخرين المنضمين لنفس الأئتلاف وما ينتج عن ذلك من فوضى بعد الأنتخابات ، أذا لم يحصلوا على مايريدون .
ج- أنتخب صاحب الكلمة الحرة الشجاعة الذي يمارس دوره في الحياة بأستعلاء تام .
لا يهادن ، لايتملق للأشرار ، ولا ينسى رفاق دربه الأخيار ، لاتبطره نعمة ، ولا يبهره مركز أو مكانه أوجاه .
يسير على منهج الحق يقرن القول القليل بالعمل الكثير.
لاتجده مثل صدام مستغلا للأعلام الرسمي .
قليل الظهور بصورته، كثير التأثير بعمله ، وخاصة في خدمة المحروميين .
ماذا يفعل الناخب أن وجد اصحاب الصفات النفسية والمواقف العملية المتباينة في قائمة واحدة ؟ تلك مسألة أخرى .
المهندس صارم الفيلي
sarimrs@hotmail.com
المصدر: صوت العراق، 14/11/2005