الفيليون والانتخابات : ماهو جدوى التصويت في انتخابات لا ناقة لنا فيه ولا جمل !


بداية ينبغي تخفيف صدى العنوان المعروض اعلاه واحتمالية تفسيره ضمن سياق استفزازي او لغرض جلب الانتباه بالملاحضات التالية:

· صحيح ان الكيانات المساهمة في الانتخابات هي كيانات تعمل من اجل مصلحة العراق ، ولكن كل بطريقته الخاصة ، كل ينطلق من زاويته ووجهة نظره ، وبرنامجه الخاص، وليسوا متفقين كليا والا لما اضطروا الى تأسيس حوالي 300 كيان! فالبرنامج الشيعي الهادف الى اقامة جمهورية اسلامية لا تعبر بالضرورة عن رغبة كل العراقيين تماما مثل برنامج الكتلة الكردستانية او كتلة علاوي او الجلبي او القوميين العرب.

· رفض التصويت في انتخابات كانون الاول 2005 لا يعني مقاطعة الانتخابات، وانما رفض البرامج او الكيانات المساهمة في هذه الانتخابات.

· لهذا فالهدف من هذه المقالة هو في محاولة قبول او دحض فكرة مساهمة كرد الرافدين في التصويت في الانتخابات.

من هم المساهمون في التصويت:

هم عراقيون حريصون على مستقبل بلدهم والفئة الاجتماعية او السياسية او الدينية التي يتنمون اليها. صحيح ان مستقبل الوطن هو فوق كل المصالح، الا ان التصويت عمليا وواقعيا يجري من منطلق المصالح الفئوية قبل ان تترجم الي المصالح الوطنية العامة. كل فرد ينظر الى الانتخابات والكيانات المساهمة فيها من خلال المصلحة المباشرة له ولفئته وهذه ظاهرة اعتيادية وطبيعية وموجودة في كل العالم.

لهذا ونظرا الي عدم وجود اي خلاف حول مسألة العراق والمصلحة الوطنية، يمكن لنا ترجمة هوية المساهمين بالتصويت باولئك المصوتين للكيانات التي تحمل اهداف قريبة من طموحاتهم.

ما هي الكتل المساهمة في الانتخابات:

هنالك 21 قائمة او ائتلاف سياسي لا توجد ضرورة لسرد اسماءها بقدر ما تبويبها ضمن اربعة اصناف:

1. الشيعة
2. الكردستانيون
3. الديمقراطيون
4. القوميون العرب

هناك بعض الكيانات الفيلية المساهمة في هذه الانتخابات رغم ان جميعها تفتقد الى الدعم الجماهيري ولا توجد لهم اية شعبية لانها كيانات غير حزبية وتتألف من اتفاق عدد قليل من الاشخاص، وهي مدعومة من الجهات الشيعية وجهات اخرى.

الفيليون من وجهة نظر الكتل السياسية المذكورة اعلاه

اولا ) الشيعة
لا توجد اية حاجة للتأكيد على هوية الاسلام الشيعي السياسي الممثل للكيانات الشيعية ولا لعلاقاتهم ولو بدرجات متفاوتة مع النظام الاسلامي في ايران، فالكيانات الشيعية تحمل مبادئه تخلوا من اصطلاح (الشعب الكردي) لانهم يعتبرون انفسهم فوق المسائل القومية ولانهم يعتبرون الكل مسلمين ولهذا فأنهم يشيرون الى الكرد باصطلاح (اخواننا الاكراد) اي يتجنبون كلمة شعب.

فاذا كان هؤلاء الشيعة يرفضون الاعتراف بالشعب الكردي، فكيف هو موقفهم من الكرد الفيليين ؟

طبيعي من خلال هذا السياق، فان اصطلاح فيلي شبه معدوم في ادبياتهم و حتى لا يشيرون اليهم بمصطلح (اخواننا الاكراد) بل بمصطلح ( اوفيليه) او عراقيين او عرب شيعة.

تجربة الفيليين مع الكيانات الشيعية في الماضي لم تكن مشجعة حيث لعبت الكيانات الشيعية واستغلت هيجان العواطف و ردود الافعال الفيليية ابان و بعد عمليات التهجير في الثمانينيات لتجنيد اعداد ضخمة من الكرد الفيليين وزجهم في الالة الحربية الايرانية في حرب الخليج الاولى. يضاف الى ذلك فان الكرد الفيليين انخرطوا بالجملة في المؤسسات السياسية والاجتماعية التابعة الى هذه الاحزاب. و في المقابل، لم يكن نصيب الفيليين من المساعدات التي كانت تقدمها الامم المتحده او الحكومة الاسلامية سوى بالقسط الضئيل لان اغلب تلك المساعدات و المزايا كانت توزع علي العرب الشيعة من اهالي النجف و كربلاء و الجنوب بشكل عام.

الان وبسبب اقتراب الانتخابات، يبدوا ان الاطراف الشيعية تبذل جهودا مضنية في سبيل استقطاب الفيليين للتصويت لهم ناسين انه حتى لو نجحوا في ذلك ، فسوف لن يكون ابديا لان العراق سائر نحو الديمقراطية ، والفيليون ما زالوا تحت صدمة التهحير والمقابر الجماعية، وسرعان ما يفيقوا وينهضوا ليكونوا لانفسهم كيانات حقيقية للدفاع عنهم وتمثيلهم.

ثانيا ) الكردستانيون

مرة اخرى يمكن الاشارة الى الدور المميز للكرد الفيليين داخل الحركة الكردية و منذ بداية تاسيس الحزب الديمقراقي الكردستاني سنة 1946 ، وتقلدهم للعديد من المناصب الحساسة و تقديمهم دورا لوجستيكيا و ماديا و بشريا مهما في وسط و جنوب العراق، وحتى في صفوف قوات البيشمركه.

الحزب الديمقراطي الكردستاني و كذلك الاحزاب الكردستانية الاخرى التي جاءت فيما بعد، بضمنها الاتحاد الوطني الكردستاني، لم يكن نظرتهم و ارائهم حول كينونة و مستقبل الكرد الفيليين في العراق الا كامتداد و تابع لهم مثلما هو الحال لمنطقة مخمور او خانفين او سنجار او جبل حمرين.

اما مستقبل هذا الجزء من الشعب الكردي في العراق و الذي قد يفوق عدد سكانه الثلاثة ملايين ، فيبدوا ان القيادات الكردية تتجنب الدخول في هذا المعترك سواء بسبب تخوفاتهم من تعقيدات هذه المسألة و تأثيراتها في النهاية عليهم، او بسبب فقدان المبادرة من الجانب الفيلي من القيام باي تحرك سياسي يمكن من خلاله تثبيت انفسهم علي الساحة السياسية العراقية كجزء اخر للحركة الكردية.

من المؤسف القول هنا بأن الاطراف الكردستانية لم تثبت لحد اليوم عن وجود اية رغبة في دعم مسألة التمثيل السياسي للفيليين في منطقة وادي الرافدين ولا تشكيل كيانات سياسية حزبية خاصة بهم وكل ما يرغبون لهم هو ان يشكلون جمعيات خيرية وتزكيتهم وكأنهم يوزعون صكوك غفران على الفيليين. لا افهم كيف يطبل الكردستانيون ويحفزوا الفيليين للتصويت لهم في الوقت الذي لا تحوي برامجهم اي شئ حول حقوق الكرد في منطقة وادي الرافدين؟

ثالثا ) الديمقراطيون

المقصود بهذه الكتلة هم الكيانات السياسية اليسارية او التي تحمل مبادئ عراقية ديمقراطية عامة وبضمنهم الحزب الشيوعي.

لغاية الثمانينيات من القرن الماضي، كان للكرد الفيليين دورا ملموسا في الحزب الشيوعي العراقي المتسلح بمبادئ الماركسية و الاممية المعترفة بحقوق القوميات و الاقليات. وقد قدم الكرد الفيليون دائما و طوال تاريخ هذا الحزب التضحيات و الشهداء اضافة الى تسلمهم لمناصب رفيعة فيها. مقاومة الحي الكردي المسمى بـ عكد الاكراد في شباط 1963 ضد الموجة البعثية الاولى هي خير دليل علي ذلك لان الكرد الفيليون سجلوا اروع صور البطولات و الاخلاص ضد أولئك المتامرين الفاشيين و الذين كانوا ينفذون مخططات الكارتيلات النفطية و الامبرايالية العالمية انذاك.

رغم ان الحزب الشيوعي كان و لا يزال يتباهى امام الكرد بتمسكه بمبدأ حق تقرير المصير ، الا ان هذا الرأي كان محاطا بجملة من الشروط، و يقتصر على اكراد كردستان العراق فقط. اما عن الكرد الفيليين، فليس هنالك اي ذكر لهم، و هذا مما يوحي الى وجود اعتقاد داخل هذا الحزب بان الكرد الفيليين محسوبين على العراقيين بصورة عامة ، او بالاحرى بانهم عرب.

الرؤى المستقبلية حول الكرد الفيليين معدومة وحتى موقعهم داخل العراق كمواطنين عراقيين، لا توجد له اية اشارة جدية مدروسة و مدرجة ضمن منهاج الحزب. الاوقات الوحيدة التي كان يشار الى الكرد الفيليين ، كان في بياناتهم الصادره على اثر حملات التهجير.

اما بقية الكيانات الديمقراطية، فقضية كرد الرافدين في برامجهم اما ان تكون معدومة تماما، او ضئيلة وفي احسن الاحوال يشار اليها كمشكلة مهجرين وعقارات !

رابعا ) القوميون العرب

بالنسبة للكثير من اولئك المنزوين وراء هذه الكيانات، فأن الفيليين هم اناس شعوبيون، ايرانيون، وعملاء الى اسرائيل وطابور خامس، ولهذا فأن قضيتهم لا وجود لها في برامجهم.

ماهي الدوافع التي يمكن ان تشجع الفيليين في المساهمة في التصويت ؟

1. الشعور بوجود نوع من التقارب في المبادئ السياسية والبرامج المطروحة اضافة الى نوعية القيادات في تلك الكيانات.
2. الشعور بوجود كيانات يمكن ان تمثل طموحات الفيليين.
3. الشعور بوجود كيانات يمكن ان تدافع عن وجود وامن الفيليين.
4. الشعور بوجود كيانات يمكن ان تحمي التراث، والتاريخ، واللهجة الكردية الفيلية.
5. وجود كيانات عراقية تضع مسألة التعويضات المادية للمهجرين والتعويضات المعنوية لهم ولاهالي شهداء المقابر الجماعية جزء من اهدافهم.
6. وجود كيانات تحوي في برامجها مواد حول استرجاع الجنسية العراقية للفيليين الذين رجعوا الى العراق والذين مازالوا ينتظرون في الخارج.
7. وجود كيانات برامجها تؤكد على وجود التمثيل البرلماني للفيليين حتى في حالة عدم فوزهم في الا نتخابات لانه من غير المنطقي عدم وجود اي تمثيل برلماني لحوالي 10% من سكان العراق الفيليين.
8. وجود كيانات تحوي برامجها على نقاط تؤكد متابعة الكشف عن مصير المغيبين في المقابر الجماعية ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم.
9. وجود كيانات احدى اهدافها هو ايجاد ألية مناسبة لكي يتم بموجبها القيام بالتعديلات الدستورية بشكل اكثر مرونة لكي يتسنى للفيليين ان يطالبوا بتعديل دستوري يتم بواسطته الاعتراف بوجود الكرد في وادي الرافدين اسوة بالتركمان الذين لا يتجاوزون الى 200000 والكلدواشوريين الذين لا يزيدون على هذا العدد.
10. وجود كيانات تحوي اهدافها المطالبة بسن قانون تعتذر الدولة العراقية بموجبها الى الشريحة الفيلية بسبب المأسي التي مورست بحقها طوال سنوات القرن العشرين من عمر الدولة العراقية.
11. وجود كيانات تدافع عن اللهجة الكردية الفيلية عن طريق المطالبة في برامجها باقامة المدارس ومحطات الراديو والتلفزة باللغة الكردية ـ الفيلية.
12. وجود كيانات تحوي برامجها على نقاط تطالب بتغير المناهج التعليمية في التاريخ واضافة التاريخ الكردي وتأثيراته في وادي الرافدين لكي يبينوا ان عراقية الفيليين لم ولن يحددها قانون شهادة الجنسية التي اصدرها احفاد الموظفين العثمانيين سنة 1923.

في حين ان هنالك حوالي 300 كيان سياسي عراقي مساهم في الانتخابات ، هل هنالك كيان واحد تحوي اهدافه وبرامجه الانتخابية على 10% فقط من النقاط المعروضة اعلاه ؟

هل هنالك كيان من هذه الكيانات التي حملت طموحات الفيليين في برامجها في السابق وبشكل صريح وواضح ؟

اما بالنسبة (للدكاكين والببغاوات الفيلية) فأن اهدافها لا تتجاوز مسألة الجنسية العراقية وتعويضات العقارات اضافة الى المواد التي تمليها عليهم الجهات التي تستعملهم ( كبقرة حلوب ) كما كان الحال في السابق ‍‍.

لا يوجد حاليا ولا كيان سياسي واحد يعبر بشكل صريح عن طموحات كرد وادي الرافدين لسبب بسيط وهو ان هؤلاء يمثلون ويدافعون عن كياناتهم فقط لانهم يمشون حسب المثل الشعبي : كلمن ايحوود النار ال كرصته

هؤلاء طبقوا سياسة البقرة الحلوب مع كرد الرافدين، ولا توجد اية مؤشرات اليوم بأن هؤلاء قد تبدلوا وغيرو عادتهم القديمة. لهذا حاربوا وما يزالون يحاربون فكرة الحزب السياسي لكرد وادي الرافدين، الفيليين ، لهذا حاربوا حزب بايمان منذ تأسيسها ولا تزال المحاولات جارية.

لا يوجد ولا كيان سياسي عراقي وقف وراء المسألة الفيلية ودافع عنها نتيجة المظالم التي لحقت بها ، فالكل كانت ساكتة ومهما كان ويكون اسباب تقاعسهم عن الدفاع عن الفيليين، فنحن مجبورون الى ان نتذكر كلام الامام علي :  الساكت عن الحق ، شيطان اخرس

النتائج المترتبة على تصويت الفيليين لاحدى الكيانات الحالية في الانتخابات

· اعطاء اصواتنا الانتخابية الى جهات لا تستعبرنا هي بمثابة تزكية لنظرتهم التهميشية والطريقة الاستصغارية التي ينظرون فيها الينا. فقط الناقص يمكن ان يحترم شخص لا يحترمه.

· عن طريق التصويت لاولئك المهمشين لنا نكون قد اكدنا وجهة نظرهم وصواب فكرتهم حولنا بظمنها سياسة البقرة الحلوب التي استعملوها ضدنا.

· على كل من لا يعي او يتفهم او يستوعب ما يقال هنا ان يتخيل نفسه ذاهبا الى حفلة لم يكن قد استلم اية دعوة لحضورها . هل من المنطق ان نصوت لجهات اساسا لا وجود لنا في قواميسهم ؟

الخاتمة

· لكي نحافظ على عزة انفسنا وكرامتنا

· لكي نذكر اولئك الذين استعملونا لحد الان كبقرة حلوب للوصول الي مأربهم واهدافهم

· لكي نقول لل ( الحلابين ) بأن هذه السياسة قد انتهت وولت

· لكي نعلن للجميع بأن كرد الرافدين سوف ينهضون لان عهد الارهاب والتسلط والفاشية قد ولى

· لكي نحافظ على قوتنا الانتخابية كذخر لشريحتنا وليس اداة بيد الاخرين

ندعو كافة ابناء وبنات شعبنا الكردي في منطقة وادي الرافدين

وكذلك ندعو كل اولئك المؤزرين لقضية الفيليين مهما تكن اصولهم القومية والمذهبية والفكرية

ندعو كل هؤلاء بعدم التصويت الى اية جهة في انتخابات شهر كانون الاول 2005.

هذه الدعوة لا تعني عدك المشاركة في الانتخابات ، وانما استعمال سلاح (عدم التصويت ) لاية جهة ووضع بطاقة الاقتراع في صندوق الاقتراع من دون الاشارة الى اي من الكيانات المساهمة فيها.

عدم التصويت هو حق لنا مثل التصويت.

عدم التصويت هو سلاح لنا مثل التصويت

طالما لا توجد لنا ممثلين حقيقيين يدافعون عن طموحاتنا، اذن لا ضرورة لهدر هذه الطاقة الانتخابية للاخرين.

يجب ان يعرف الاخرين بان الفيليون هم قوة تمثل الملايين من العراقيين الذين ان رفضوا التصويت حاليا، سوف لا يرفضون التصويت في المستقبل حين تنشا الاحزاب الفيلية الممثلة بشكل صريح وشريف لطموحاتهم.

صباح دارا
13/11/2005

موقع حزب بايمان
http://mysite.wanadoo-members.co.uk/sabga
sabah@dara813.fsnet.co.uk