المجرم برزان ومرض السرطان
لا اريد هنا ان اتطرق الى حقوق شهدائنا والذي يعدوا بالملايين، الذي لم يجري لحد الان ،
سوى بداية لمحاكمة هزيلة لنفر قليل من الاشخاص يقل عددهم عن عدد اصابع اليدين لارتكاب كل تلك الجرائم
، بينما ترك معظم مرتكبيها يعيثون فساداً ، وعلى المكشوف بوطننا منذ سقوط جرذ العوجة، بالتعاون مع كل القوى التي كانت مستفيدة من وجود نظام البعث المنحل الذي حول وطننا الى غابة للوحوش
المفترسة، والتي لا تشبع مهما أمعنت في القتل. ولا اتحدث عن أعادة الاعتبار الى اولئك الذين كانوا يساقون الى حتفهم دون جريرة سوى الاشتباه بانهم معادون "للثورة والحزب" . لا أتحدث عن مئات
الالوف ممن دخلوا اقبية النظام المقبور وسجونه ثم لم يعرف لهم من أثر حتى الان، لا اريد ان أتحدث عن سكنة المقابر الجماعية ، والتي لم تعرف معظم هوياتهم ، كما لم تعرف هويات من كان يقذف
به في احواض التيزاب ومثرمة البشر. لا اتحدث عن حقوق عوائل الشهداء وذويهم، لا اتحدث عن حقوق ما يناهز اربعة ملايين من العراقيين الذين افترشوا ارض الله الواسعة فانتشروا في كل بقاع
العالم ما بين مهجر ومهاجر ، ولا عن من ابتلعهم مياه المحيطات ليكون غذاء للاسماك في بحثهم عن الملجأ، لا اريد الحديث عن وطن اعيد الى القرون الوسطى، ونحن نتحدث عن مهد الحضارات وهو
يدخل القرن الواحد والعشرين.
لا اود ان أتحدث عن وعود من كانوا في المعارضة يوماً ثم استلموا الحكم منذ سقوط الطاغية ولحد اليوم، لشعبهم ومنتخبيهم. ولا عن فصل السلطات
، الذي ورد في الدستور العراقي الذي صوتنا له بنعم
، ومنذ ايام.
لا اريد ان اخوض في كل ذلك ولا في جرائم البعث لاننا في هذه الحالة سنحتاج الى مجلدات. ولكن اكتفي بذكر واحدة من جرائم البعث وبأختصار ، هي جريمة تلوث البيئة العراقية ، جراء استخدامه
للاسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً في حروبه ضد الاكراد و ضد الجارة ايران
، ثم ما استخدم من قبل قوات التحالف من اسلحة لاخراجه من الكويت الشقيق. وما كان لذلك من نتائج كارثية على الانسان
والحيوان وعلى الارض والحرث.
فكما تعلمون ومنذ حينه كشفت التقارير المحلية والعالمية ومن جهات مختلفة عن ارتفاع نسبة الاصابة بمرض السرطان وبشكل مخيف في العراق بالاضافة الى امراض اخرى مجهولة لم تعرف من
قبل. وتحدثت تلك التقارير عن عجز الدوائر الصحية من توفير العلاج للمصابين وحتى في ابسط حالاتها.
واليوم وقد فرحنا بان محاكمة الزمرة القاتلة للشعب والوطن قد بدأت ، حتى بدأنا نسمع ما يطفئ تلك الفرحة ، وانما ما يزيد حنقنا على قائليها ومروجيها، الذين يتصورون انهم تعلموا عند وجودهم في
منفاهم الغربي مبادئ الحرية وحقوق الانسان، ليطبقوها بأزدواجية ، وفي غير محالها.
فمن سمع بانه في امريكا ، رمز الديمقراطية وحقوق الانسان، ان قاتل محترف لا يقاد الى غرف الموت ، وانما يوضع في سجن خمس نجوم ، وحكمه بالمؤبد، القابل للتحويل الى مبالغ "كم دفتر" تدفع
من قبل اهله لبعض ضعاف النفوس ، من خريجي المدرسة الصدامية تكون كافية لاطلاق سراحهم.
من سمع ان مجرماً في اي بلد في العالم يوفر له ، ما لا يستطاع توفيره لضحاياه؟
فاليوم بعد ان تواردت الانباء عن اصابة مدير مخابرات صدام السابق، واخوه الغير شقيق بداء السرطان، ورسالته الذليلة يطلب فيها العلاج، والغريب لم نعرف، متى تم تشخيص هذه الاصابة؟ ومن
قبل من ؟، والمرحلة التي وصلت اليها؟ فنحن نعلم ان ابن العراق البسيط لا يستطيع ان يصل الى الطبيب ليشخص له المرض ، الا ويكون قد نال منه و وصل به الى مرحلته الاخيرة الميؤس من
علاجه ، لان دخله لا يتحمل تكاليف مراجعة الطبيب والفحوصات المختبرية اللازمة
اوجه كلامي هذا للمتطوعين ، لتوفير العلاج لابن العوجة برزان وعلى حساب خزينة الدولة والتي هي ملك للشعب العراقي ، هل وفرتم هذا العلاج لكل المصابين بالسرطان من ابناء الشعب العراقي؟ ام
ان عيونكم حولاء لا ترى سوى المجرمين من آل صدام ، لتنفذوا فيهم انسانيتكم العرجاء
، التي تعلمتموها ولم تحسنوا تطبيقها في موضعها حتى الان.
د. منيرة أميد
omed397@yahoo.com
المصدر: موسوعة النهرين،
3/11/2005