مرحبا بنصير شمة و لكن...


(
1 )

قرأت عنه منذ سنوات في جريدة الحياة اللندنية باعتباره المايسترو و شيطان العود و زرياب القرن العشرين ، العازف العراقي العربي الذي تعقد له الحفلات في العواصم الكبرى بالخارج ، كانت صورته متفقة تماما مع الخبر ؛ بروفيل - أبيض و أسود – ببدلته الداكنة محتضنا العود و ناظرا الى الأفق ، أخيرا وصل الى مصر ربما في عام
1997 ، نظمت له إحدى المجلات الاجتماعية – مجلة نصف الدنيا التابعة لمؤسسة الأهرام حفلة خاصة و حوار ، ثم حضرت له حفلة في نقابة الصحافيين المصريين بمقرها المؤقت آنذاك بمنطقة رمسيس ، كان يعزف بتمكن بالغ و يغمض أحيانا عينيه لدرجة تجعلك تحس برهبة ما يعزفه حتى قبل أن تسمعه ، كان يقدم لفقراته بعبارات قصيرة ، و فيما بعد أصبح يفسر مقطوعاته الموسيقية قبل تقديمها للمستمع ، قدم مقطوعة باسم ملجأ العامرية و تحدث عن كونه ضابط احتياط في الجيش العراقي في هذه الفترة ( 1990-1991) و أنه رأى بعينه الدمار الذي لحق با لعراق جراء الهجوم الأمريكي و خاصة ما حدث في ملجأ العامرية ، تحدث أيضا عن الحصار الاقتصادي و محنة أطفال العراق و افتقادهم الدواء و الطعام ...الخ ، استوقفني من كل هذه العبارة معلومة كونه خدم في الجيش العراقي أثناء غزو الكويت و أثناء حرب الخليج الثانية ، و أنه أدان الهجوم الامريكي و لم يدن النظام الصدامي الذي مهد السبيل لهذا الهجوم .

(
2 )

فيما بعد أصبح نصير شمة محبوبا للغاية في مصر ، احتراما لفنه و تعاطفا مع العراق - الشعب ، تماما مثلما حدث مع كاظم الساهر الذي لم يكن معروفا أبدا في مصر قبل منتصف التسعينات ، و قبل أن يقدم أغنية " سلامتك من الآه " باعتبارها " مهداة لأطفال العراق ضحايا الحصار الاقتصادي الغاشم ..الخ " ، لو قدر لي الحكم على نصير شمة فنيا لاعتذرت فلست من المتخصصين ، أما كاظم الساهر فكنت سأقول عنه صوت جميل لكنني أفضل حضيري أبو العزيز و ناظم الغزالي و فاضل عواد ، و من معاصريه الهام مدفعي و بالطبع فؤاد سالم المطرب صاحب المواقف ضد النظام ، حتى سعدون جابر مع استثناء " الله يخلي الريس الله يطول عمره " و ما شابهها من أغنيات قدمت للطاغية ، كنت أحب غناء كاظم الساهر و لكن ما سمعته لاحقا عن علاقته بالنظام العراقي و بأبناء صدام صنع حاجزا لا يلين بيني و بين صوته ، لم أكن أحب أن تتكرر نفس الحواجز مع نصير شمة و لكن ذلك ماحدث بصورة أو أخرى .

(
3 )

في حفلات عديدة أقيمت بمصر كان نصير نجمها ، بينما يجلس بالصفوف الأولى السفير العراقي – السابق - سلطان الشاوي و مدير وكالة الأنباء العراقية طالب سعدون – عين لاحقا مستشارا صحافيا للسفارة - ، البعض كان يقول أن طالب سعدون و السفارة العراقية يمهدون له دخوله للمجتمع المصري و خاصة حلقة المهتمين بالفن و الموسيقى ، نصير كان يقيم أول الأمر في احدى الفنادق الفاخرة – خمسة نجوم و هذه حقيقة و لكن البعض يضيف أن السفارة العراقية هي التي كانت تدفع تكلفة اقامته – سفارة حكومة العراق المحاصر لا تنسوا هذه الحقيقة من فضلكم ، و أن دعمه المادي و الأدبي معا كان يأتيه في باديء الامر من السفارة العراقية بالقاهرة ثم عاد هو و أصبح يرد هذا الجميل ، و لكن لم يقدم أحدهم الدليل على هذه الاتهامات ، هناك من كان يصل بالقول إلى أن نصير كان يرد الجميل – المفترض - بنقل فحوى ما يدور بين العراقيين و المصريين المهتمين بالشأن العراقي بالقاهرة ، لكنها أيضا اشاعة لم تثبت .

صرح نصير شمة في حوار له مع كايرو تايمز – فبراير
2000 بأن كل عائد حفلاته سيذهب الى أطفال العراق – و تحدث باسهاب عن تجربة الحربين العراقية الايرانية و حرب الخليج الثانية و كيف صار الموت قريبا من حياة كل عراقي و كيف أثر ذلك على موسيقاه الحزينة ، لكنه لا يشير الى الطفمة الحاكمة بالعراق و كيف أنها السبب الأساسي في كل هذه الأهوال ، في الحوار أيضا يشيد بلوركا الذي ناهض الاستبداد في بلاده و لكنه للأسف اكتفى بمقطوعات موسيقية تمجد لوركا و لم يفعل مثله و اكتفى بواقعة تعذيبه منذ أعوام ، بالطبع لا نريد منه أن ينضم لفيلق بدر أو البيشمركة الكردية أو حتى الى أي حزب سياسي معارض و لكن على الأقل كان يجب أن يعلن موقفه من النظام في كل مرة يتحدث فيها عن الحصار الاقتصادي للعراق الذي كان يزوره عدة مرات في التسعينات و طبعا كان يذهب بارادته و ليس عنوة مثلما حدث له في عام 1989 ، و قال أيضا : لن أتزوج حتى ترفع العقوبات عن شعب العراق و تزوج منذ فترة و العقوبات لم ترفع بعد !!!!!!!!! ، في الحقيقة لا تعجبني في أمور السياسة أن يخلط العام بالخاص و أن يكلف الانسان نفسه ما لا يطيق أو يوجب على نفسه " لزوم ما لا يلزم " لكنه هو الذي بدأ و أطلق مثل هذا التصريح الغريب و تراجع فيما بعد عما وعد .

(
4 )

نبهني صديقي العازف الى بعض الأمور التي يكررها نصير على مستمعيه و تفتقد للأمانة المهنية – على حد قوله ، و منها أنه يقول أنه اخترع طريقة العزف بيد واحدة نظرا لأن الحرب العراقية الايرانية أفرزت العديد من الجنود و المدنيين الذين فقدوا أيديهم بسبب القنابل ، و نصير ذكرهذه العبارة فعلا في إحدى حفلاته

، و في الحقيقة كانت حكاية العزف بيد واحدة و سبب اختراعها مدعاة للضحك و ليس فقط الانتقاد و الاندهاش و دليل على أن نصير أراد أن يحشر الحديث عن حرب العراق ايران حشرا دون سبب اللهم التذكير بحرب العراق المجيدة دفاعا عن البوابة الشرقية و ما الى هذا من عبارات فكاهية .

أما عن الوتر الثامن فقد سمعت بنفسي عام
1998 نصير يتحدث باعتباره من أضاف هذا الوتر و لكنه عاد لاحقا عن هذه الهفوة و لم يكررها في أي من حفلاته و انتصر في تصريحات لاحقة للأمانة المهنية عندما قال : حين قدمت مشروع العود المثمن، كنت مستنداً إلى مخطوطة للفارابي أهداها إلى الوالي آنذاك، وهي محفوظة في مكتبة بأيرلندا، وفيها رسم لعود بثمانية أوتار وشرح عن هذه الاضافة دون أن يصنع هذا العود، حصلت على الرسم بمساعدة باحث ألماني وتحققت من صحة نسب المخطوطة إلى الفارابي، وشرعت في صناعته مع عراقي اسمه «عبدالرزاق الطوباسي» وآخر اسمه «فوزي منشد» وقدمت هذا العود في مناظرة مفتوحة مع موسيقيين عراقيين، وفي النهاية ليس المهم أن تضيف وترا إلى العود، ولكن المهم ماذا ستقول من خلاله.

لا احد يجادل أنه عازف و موسيقي متمكن بما أضاف فقد قدم مقامين جديدين أولهما مقام الحكمة " هو سلم موسيقي جديد حاولت فيه أن أبحث في منطقة جديدة غير مستهلكة لم يطرقها أحد حتى وجدتها وقدمتها في أكثر من مكان في العالم وظللت أبحث في كل الكتب الموجودة عن العود، فلم أجد فيها هذا المقام، وسميته «الحكمة». كما ابتكرت مقاما آخر سميته «الكوت» وسجلته حديثا باسمي"

(
5 )

في رمضان من عام
1999 كان نصير ضيف دائم على العديد من الاحتفاليات الثقافية ، قابلته مع صديقة لي كانت تعيش بالعراق لفترة رحبنا به بالهجتين العراقية و المصرية ، سألته بالكردية ان كان يتحدث الكردية : kurdi zani ، kak nasir ? ، ابتسم و لم يرد أعدت السؤال باللهجة المصرية و قلت له : أستاذ نصير هل حضرتك كردي ، قال بالحرف : لا داعي لهذه النعرات القومية نحن الآن كلنا عراقيون تحت الحصار الظالم الخ ، عاودت السؤال باصرار لم آلفه في نفسي : لكن ، أستاذ نصير ، يقال أن حضرتك كردي فيلي و أن ..... ، لم يمهلني كثيرا و لا قليلا و رد " كلنا في العراق متساوون و لا يوجد فرق بين الأكراد و غيرهم " اكتفيت بهذه الردود على أسئلة لم أطرحها و أخذت صديقتي و ذهبنا بينما هو محاط بالمعجبين ، فسرنا ردوده بأنه لم يكن يعرفنا شخصيا و أنه ربما يخشى أن يساء فهم تصريحاته ، لكن ماذا يدفع أحدهم لأن يستنكر سؤالا عن أصله و قوميته ، بل و يتحدث عن نظام قمعي كنظام صدام باعتباره لا يفرق بين قومية و أخرى ؟؟؟؟؟

يقول البعض أنه من الصعب على عراقي شاب في مثل سنه ان يصل لمنصب كبير في عراق صدام حسين دون علاقة ما بهذا النظام ، نصير ترأس فرقة البيارق التابعة لدائرة الفنون الموسيقية العراقية والذي كان يترأسها قبله الفنان الكبير عازف العود العراقي المرحوم منير بشير ثم أشرف عليها نصير شمة من سنة
19861990 ، حيث شاركت في مهرجانات عربية وعالمية في مصر والأردن وتركيا والاتحاد السوفيتي وفرنسا و معلوم لكل عراقي أنه ليس من السهل السفر للخارج للمبدعين وقتها و الى الآن و نضيف أنه في عام 1986 حصل نصير على جائزة أفضل لحن عاطفي عراقي و في أعوام 1989-19901991 على التوالي حصل نصير على تكريم نقابة الفنانين العراقيين .

خصص نصير شمة جزءا كبيرا من ريع حفلاته لصالح أطفال العراق وانتفاضة الشعب الفلسطيني و عندما يسأل هل تعتقد انك أديت دورك كاملا تجاه ذلك؟ يجيب :

ـ على المستوى المعنوي والحمد لله استطعنا أن نوصل ثقافة العرب التي اتشرف بتمثيلها في العالم الغربي وفي العالم العربي، حيث استطعنا إلى درجة كبيرة أن نقدم صورة حضارية عن البلد الذي ننتمي إليه والحضارة التي تقف وراءنا، الآف السنين، لكن على المستوى المادي، نحن قطرة في بحر وأقل من ذرة ممكن أن تكون في بحر، ماذا تستطيع أن تقدم لشعب كان يعيش مرفها ولم يعرف العوز ولا الحاجة وفجأة عرف شكلا من أشكال الدمار الجماعي الذي لم يحدث في التاريخ قديما أو حديثا أو حتى من الصعب أن يحدث في المستقبل ويتكرر، وحقيقة في هذا المجال لا أدعي انني صنعت بطولات كبيرة، لكنني أظن انني منذ فترة الحصار إلى يومنا هذا، كان لي الشرف في أن أجعل صوت العراق حاضرا في مختلف أصقاع الأرض، حضورا شخصيا، فالأعمال الموسيقية التي قدمتها عن الحرب والدمار وحديثي عن كل ما يلم بشعب ومأساة العراق تعجز مؤسسات بأكملها أن توصلها إلى الناس، كونها مسيسة، ولا يسمحون لها بذلك، أنا شخص حر، غير مسيس بأي شكل من الأشكال، ولذلك أعمل بحرية مطلقة دون خوف أو حسابات، وفي هذا الزمن، تراني سباقا إذا ما سنحت أية فرصة يكون صوت العراق حاضرا فيها، ومن أهم المناسبات التي كشفت دور الموسيقى هي الاحتفال بذكرى مرور 50 عاما على تأسيس هيئة الأمم المتحدة، فقد اعتبروا أحد أعمالي الموسيقية التي عزفتها في ذلك اليوم الذي كان يجتمع فيه كل رؤساء العالم، أهم من كل الرسائل الدبلوماسية، فالقطعة التي قدمتها كانت عن دمار العراق، والموسيقى لغة حضارية لا يمكن أن تقف أمامها حواجز كاللغة الطباعية، فهي تسمو ولا تحتاج إلى دلالات، وانما تحتاج إلى الانسان أينما كان، وأيما كانت ثقافته، وأعتقد انني أديت دوري تجاه العراق وتجاه فلسطين منذ اندلاع الانتفاضة الأولى التي خصصت لها عاما كاملا من
1988 إلى 1989 قبل أزمة العراق، حيث كان ريع حفلاتي يذهب إلى فلسطين.

لن أعلق على ما قال فقط أردت أن أكرر جملته " أنا شخص حر، غير مسيس بأي شكل من الأشكال، ولذلك أعمل بحرية مطلقة دون خوف أو حسابات، وفي هذا الزمن، تراني سباقا إذا ما سنحت أية فرصة يكون صوت العراق حاضرا فيها "و أسأله عن واجبات المثقف الحر غير المسيس تجاه شعبه .

(
6 )

منذ ايام و حسب ما ورد في بعض المواقع الاليكترونية فإنه :

استضافت الفضائيه المصرية الاولى مساء
21/9/2002 الموسيقار نصير شمة في برنامج (زيارة الى قلب) تحدث فيه شمة عن مراحل حياته .......وبعد عودته الى الأسيرة بغداد عام 1989 زج في سجون النظام 170 يوم عذب فيها اشد التعذيب النفسي والجسدي ، وذكر شمة انه شاهد مئات السجناء العراقيين في دهاليز مظلمة لا يعرف منها النهار من الليل لاسباب تافهة لا تستحق السجن يوم واحد فضلا عن التعذيب كما فسر شمة سر الحزن الملازم لابداعاته بقوله : وكيف لا يكون ذلك والعراق يعيش اكثر من عشرين عام حروب مدمرة كل يوم اسمع عن صديق تم اعدامه لسبب تافه او صديق قتل في حرب لا معنى لها واخر يموت بسبب الحصار المزدوج ( هو طبعا يقصد الحصار الدولي و الحصار الصدامي لكنه طوال سنوات لم يستخدم مصطلح الحصار المزدوج أبدا ) .

(
7 )

في عدد من جريدة القدس عام
1996 – على حد رواية السيدة الفاضلة زوجته – صرح نصير بما تعرض له من قمع على يد النظام العراقي ، و أن عام 1989 يحمل ذكريات أليمة لنصير شمة حيث توفيت شقيقته اثر حادث سير – يعتقد أنه مدبر - وبعد وفاة شقيقته بأربعين يوما، عرض حفلا موسيقيا في ذكراها وعزف مقطوعة موسيقية ألفها خصيصا لهذه الذكرى أسماها «رحيل القمر» ويقول شمة في ذلك «تأثرت أمي أشد التأثير وبكت حزنا على وفاة شقيقتي حتى وافتها المنية في ذات السنة ، تقول زوجته انه صرح لجريدة القدس في عام 1996 – على ما تتذكر – بما تعرض له على يد أجهزة الأمن العراقية آنذاك و كيف توفيت والدته بسبب ما لاقاه من تعذيب و لما حدث لأخته ، فهمت من الزوجة أنها تقصد أن نصير أعلن عن موقفه هذا منذ سنوات و ليس فقط الآن و بالتالي لا صحة منطقيا لما يقال عن علاقته لاحقا – بعد هذا التصريح - بالاستخبارات العراقية طوال مدة اقامته بمصر ، فهمت من حديثها أيضا أن نصير لم ينتظر ليقول رايه في اللحظات الأخيرة في عمر النظام الصدامي ، في الحقيقة لم يتقبل عقلي هذه المبررات التي تبدو منطقية لغير المتابع لعلاقات نصير بالقاهرة ، فلا تصريحه منع شيئا و لا اعادة التصريح به بعد 6 سنوات سيسقط النظام ، و بين التاريخين فترة توهج نصير شمة بالقاهرة ، نسأله كيف استغل هذا التوهج ليعبر عن الظلم الذي يتعرض له العراق تحت حكم صدام ، لماذا لم يفعل مثل النواب الذي أهداه مقطوعة موسيقية و يثور على الظلم ، لماذا لم ينتقد النظام مرة أخرى مثل أي من المكرمين في أمسيات و لقاءات لمثقفين و معارضين عراقيين بدمشق و التي كان يدعى لها نصير نجما و ضيفا ؟ .

في مجلة الهلال عدد ديسمبر
2001 و تحت عناون أجنحة الموسيقى السبعة يقول نصير أنه أجبر عنوة على الذهاب للعراق من الأردن عم 1989 لكنه لا يتعرض لكيف عومل هناك ، و كيف حصل على الوظائف و المهم خارج البلاد و أيضا كيف حصل على الجوائز الواحدة تلو الأخرى ؟

وفاء عوض – الصحفية المصرية في كتابها " في العراق تموت الملائكة " تروي وقائع زيارة قام بها وفد شعبي مصري الى العراق يناير من العام
1998 ، تذكر أن نصير شمة كان يطلب منهم عدم تلبية أي دعوة خاصة من مسئول حكومي لأن الوفد جاء في مهمة انسانية لأطفال و شعب العراق لكنها تذكر أيضا أنه طلب من الوفد بعد فترة من الزيارة مغادرة البلاد لدواع أمنية ، و لم يفصح عن هذه الدواعي الا للسيد عبد العظيم مناف أحد أصدقاء النظام العراقي البغيض بالقاهرة ، فكيف عرف بهذه الدواعي ؟ و كيف يقول أنه قطع علاقته بالمسئولين العراقيين منذ عام 1996 و هو الذي نظم الرحلة بالتعاون مع مسئولي سفارة النظام ؟

(
8 )

أخيرا عندما قرأت ما كتبه الأستاذ سمير عبيد عن عودة نصير شمة للصف الوطني بما صرح به للفضائية المصرية ، هالني ما ذكره عن أن نصير كان يخصص منزله وكرا للاستخبارات العراقية و كان على علاقة أيضا بالأمن المصري ؛ فقد تعلمت منذ صغري أن قضايا التخوين للوطن لا يمكن البت فيها على السمع و الظن تماما مثلما قضايا التكفير ، طلبت من صديق لي هاتف الاستاذ نصير لتبيان الأمر على حقيقته أو على أقل تقدير أن أستمع منه لرأيه ، خابرته فرد قائلا أنه لديه
3 ايام فقط بالقاهرة و هو مشغول بحفلات و بروفات و بعدها يسافر لمدة طويلة ، أبديت استعدادي لاجراء الحوار معه في أي وقت و مكان يحدده ، طلب مني معاودة الاتصال في موعد لاحق حدده بنفسه ، اتصلت أكثر من مرة و كانت زوجته الفاضلة ترد أنه غير موجود و تطوعت شاكرة ببعض المعلومات عن حوارات سابقة له تحدث فيها عما عاناه من تعذيب بالعراق ، عدت لصفحته - أو موقعه - الاليكتوني و للأرشيف الصحفي الخاص بي ، كتبت ما كتبت بلهجة المتسائل و ليس بلهجة من يهاجم أو يتهم ، و لدي امل أن أحاور نصير شمة و لدي اعتقاد أنه سيسمح لي بهذا الحوار على أن يأتي صادقا ، و مثلما قال هو " أنا انسان حر و ليس لدي حسابات خاصة " و يقول عن فنه " حاولت ان أجعل منه معبرا للشعوب، ومنها الشعب الفلسطيني واللبناني وشعب العراق وكل قضايا الانسان في كل مكان. وان يكون العود «لسان حالهم» وان يسمع في كل مكان في العالم " ليسمح لنا بسؤاله ألم يكن من حق شعبه أن يتحدث عن القمع المنتظم الذي يتعرض له ؟ خاصة أن آلافا يتحدثون عن الأوضاع المأساوية للعراق المحاصر من قبل أمريكا و الغرب و هم فيما يطرحون على حق و لكن من هو المسبب الرئيسي ؟ .

فليسمح لنا بسؤاله أين كان من قمع صدام حسين كل هذه السنوات و هل اكتفى بما حدث له من تعذيب في عام
1989 – كما قال – و اعتبر ذلك كافيا و مبرئا لذمته أمام وطنه ، هل يرى أن الحديث عن واقعة تعذيبه بعد سنوات من حدوثها كافيا لفضح النظام ، و في كل الأحوال مرحبا بأي عراقي يفيء الى رشده طالما لم يثبت أنه كان متعاونا مع النظام الصدامي البغيض بأي صورة من الصور ، حتى لو كانت هذه العودة قبل سقوط النظام بدقائق ، و العود أحمد

أميرة الطحاوي
http://www.iraqiharp.com/weekartc.html

المصدر: صوت العراق،
18/9/2005