المستشار زياد القطان وفضيحة وزارة الدفاع


الاستاذ ضياء سورملي


ما هو المطلوب من القوى الوطنية في هذه المرحلة الحاسمة من حياة العراق وكيف يمكن مواجهة الأرهاب المتصاعد بشكل ملحوظ في معظم محافظات العراق ودوائر الدولة وتولي أناس مواقع ومرافق حساسة في الدولة علما بان تاريخهم السياسي كله كان مع النظام العفلقي البعثي السابق من على شاكلة زياد طارق القطان

لقد مضى على تحرير العراق من نظام الطاغية قرابة ثلاثة سنوات ولو قارنا هذه الفترة بزمن حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في تموز سنة
1958 أي قرابة نصف قرن من الزمن تقريبا سنجد الفرق الشاسع بما قام به الزعيم عبد الكريم قاسم وما انجزه خلال فترة حكمه تلك وما صاحبها من مخاطر وتهديدات وما أنجزه في تلك المرحلة ، سنجد أن المنجزات في تلك الفترة تمثل فرقا شاسعا عما يحدث اليوم في العراق من إنحدار وإنهيار وتراجع وعدم القدرة على السيطرة الأمنية والأدارية والأقتصادية في مختلف الوزارات ودوائر الدولة كافة وسنأتي على اسباب ذلك بشئ من التفصيل

لقد استطاع الزعيم قاسم أن يغير نظما متفشية في الكيان الملكي بكاملها ومن جذورها واصدر نظام الأصلاح الزراعي والقضاء على النظام الأقطاعي والسيطرة على موارد البلد وأن ينهض بحملة لبناء المساكن وأن يوزع الأراضي وأن ينهض بالبلد نهضة يشهد لها التاريخ منصفا بها الفقراء والمعدومين من أبناء العراق

كانت محكمة المرحوم فاضل عباس المهداوي الشهيرة الرد الحاسم للقضاء على المجرمين وأعداء الشعب في تلك المرحلة العصيبة من تاريخ العراق ، وما نحتاج إليه اليوم هو محاكم المهداوي العصرية التي تتخذ السرعة والحسم والقرارات الصائبة والعادلة من قضاء بعيد عن الفكر البعثي الملوث والأيدي الملطخة بدماء الشهداء من أبناء العراق ، نريد قضاة يعيدون البسمة للأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن وهن يسمعن القرارات التي تعيد الحق الى نصابه ونريد محاكم تبت من دون خوف أو وجل أو تردد وتحكم مثلما كان يفعل المهداوي في محكمة الشعب

إن طبيعة الحكومات التي تعاقبت على إدارة دفة العراق منذ بداية تسلم مجلس الحكم ولحد الأن لم تستطع أن تنهض وتقف على قدميها وبقيت متكأة على أكثر من عكازة مثل عكازة الأرهاب وشماعة المحسوبية والمنسوبية المتفشية في دوائر الدولة والنهب والفرهود لممتلكات الدولة وتوزيع المناصب والوزارات باسلوب فاشل وعقيم ومعتمد على الوساطات والمحاصصة غير السليمة وفسح المجال لكل من هب ودب من الوصوليين والبعثيين من أمثال مشعان الجبوري ووفيق السامرائي وصالح المطلك ونقيب المحامين البعثي كمال حمدون وحارث الضاري وغيرهم من ممثلي الأرهابين والأمثلة على ذلك كثيرة

لم تستطع الحكومة وخلال فترة توليها الحكم من حسم الأمور بقوة لصالحها وبقيت مهزوزة منذ قدوم ممثل كوفي عنان السيد الأخضر الأبراهيمي الى العراق ومنذ حكم السفير السيد بريمر وتنصيبه لمجموعة من النفعيين والوصوليين والجواسيس المندسين كمستشارين أو مترجمين في مرافق الدولة وفي صفوف القوات الأميركية والقوات متعددة الجنسية مستغلين الظروف الأستثنائية وعدم استقرار البلد والخلافات الطائفية من جانب وعدم تفهم وفهم القوات الأجنبية للواقع الأجتماعي والعرقي والديني وطبيعة المجتمع العراقي من جانب آخر ، أضف الى ذلك ما قام به النظام السابق من هدم ومسخ للفكر الثقافي والحضاري والتربوي للمجتمع العراقي بشكل عام وللشخصية الفردية العراقية بشكل خاص.

واليوم يتكرر نفس الخطأ القاتل باشراك ومشاركة البعض من هؤلاء البعثيين السابقين في القيادات العليا بصفة مستشارين أو ممثلين عن العرب السنة تارة أو القوى المغيبة أو ممثلين عن الأرهابيين أو ما يحلو لهم بتسمية أنفسهم بالمقاومة الشريفة أو باشكال اخرى من مختلف التسميات وقد تمكنوا من التسلل الى أعلى هرم في إدارة الدولة وبقوا قابعين هناك من دون أن يردهم رادود أو يصدهم صادود وحجتهم أن السيد بريمر قد عينهم بفرمان أو بأمر أميركي ولا يستطيع أحد غيره أن يخرجهم من مناصبهم مهما فعلوا من أعمال مشينة ومن الطرائف والنكات أن السيد بريمر قد تعلم لغة الحسجة اللهجة الدارجة في الديوانية من وزير دفاعنا حازم الشعلان وبدأ يتكلم بلغة مبطنه مع مسؤوليه في أميركا

أن للحروب المتتالية والطويلة الأمد التي أجهدت وأنهكت الأقتصاد العراقي دورا آخر مهما في التأثير على البلد وكذلك الحصار الدولي على العراق من قبل المجتمع الدولي والذي أثر بشكل مباشر على جميع مكونات الشعب العراقي بدرجة خاصة وعلى الأقتصاد العراقي بشكل عام ودوره السلبي على مكونات المعارضة الوطنية في الخارج التي أبتليت بضعف وبساطة تمويلها وتشتت في إمكانياتها وبقوة الإمكانيات المالية للنظام السابق وطغيانه و تأثيره على حساب فقر وقهر أبناء الشعب وضعف إعلام قوى المعارضة الوطنية ومحاصرتها من قبل الأعلام العربي المرتشي بالكوبونات المسروقة من برنامج الغذاء مقابل سرقة النفط او بالأحرى برنامج " إطعامكم مقابل سرقة نفطكم "

هذا كان وضع العراق قبل الأحتلال أما بعد التحرير بواسطة أو بمساعدة القوات المحتلة فقد نشأت ظاهرة جديدة ومدروسة بعناية وربما مبرمجة من قبل القائمين على أمور الأحتلال باستخدام برامج المحاكاة المتطورة والتي وضعت وأعدت لدراسة وضع العراق ونفسية العراقيين وأول عنصر ذو تأثير فعال في هذا البرنامج هو نهب ممتلكات الدولة بشكل علمي مدروس وعلني وحرق ما يمكن حرقه وتدمير ما يمكن تدميره من مرافق الدولة الأساسية وأرجو ان لا أكون مخطئا في ذلك وان لا يكون كلامي من ضمن نظرية المؤامرة وتخطيطاتها وتحليلاتها

أما العنصر الفعال التالي هو من خلال التعامل مع مستشارين لا يفقهوا في أمر سوى إطاعة أوامر أسيادهم عسكريين كانوا أو مدنيين فقهاء أم أغبياء مقابل مغريات مادية كبيرة همهم الأول هو الحصول على الثروة والإثراء حتى ولو أدى ذلك الى تدمير البلد بأكمله ومن أمثلة هؤلاء المستشارين العدد الكبير الذي لا يعد ولا يحصى في مرافق الدولة في الوقت الحاضر وتتدرج اهميتهم حسب نزاهتم واخلاصهم لأسيادهم وتنفيذ الأوامر من دون توجيه أية أسئلة ، تتمثل خطورة هؤلاء في مشاركتهم بترتيبات المناقصات والمقاولات الكبيرة ذات المبالغ الهائلة والتي تكلف ميزانية الدولة مليارات الدولارات

من هؤلاء الفطاحل المستشار المدعو د. زياد طارق القطان وهو المستشار الأمني في وزارة الدفاع أو الشخصية الأولى المرتبط مباشرة بالحلقات القيادية الأميركية والذي عينه السفير الأميركي السيد بريمرعند قدومه للعراق ويدعي السيد زياد القطان ويقول إنه أسس كل الفيالق العسكرية وأعاد بناء الجيش العراقي والحقيقة إنه نهب معظم أموال وزارة الدفاع من خلال عقود وهمية عملها مع بولونيا وأسس شركة وهمية في إحدى دول الخليج العربي بادارة أحد اخوته الذي هربه الى بولونيا يوم كان يعمل مهربا للبشر الى بولونيا عن طريق المانيا

لقد عمل زياد القطان سمسارا في العراق وفي بولونيا في زمن النظام السابق واستطاع قبل سقوط النظام من التعاقد على إرسال صفقة من سيارات المرسيدس الى المقبور عدي صدام حسين وهنا يكمن بيت القصيد شخص يتعاون مع القصر الجمهوري لنظام الطاغية ويرسل لهم الصفقات المهمة في زمن الحصار هو نفسه الشخص الأول في وزارة الدفاع حتى أن حازم الشعلان وزير الدفاع السابق كان يأتمر باوامره او يشاركه النصيب من الملايين المسروقة من ميزانية الدفاع المنكوبة ويقول المثل العراقي وافق شن ٌ طبقه

بقي أن نقول أن زياد القطان قد حصل على بعثته الدراسية على حساب حصة الطلبة المتفوقين يوم كانت الزمالات والبعثات لا تمنح الا للبعثيين الذين لم يفلحوا في الحصول على مقاعد دراسية في الجامعات العراقية فيتم مكافأتهم وإرسالهم الى بعثات وزمالات دراسية خارج العراق ، ولقد عمل زياد القطان سمسارا ومهربا للبضائع والبشر وجاسوسا على الطلبة في بولونيا لحساب النظام العراقي المقبور

ان تدقيقا بسيطا لحسابات زياد القطان وحازم الشعلان وبقية المستشارين في قضايا الأمن العالمي والوطني والقومي والمحلي وحتى مستشاري أمن الشوارع وأمن الأزقة والدرابين الضيقة في العراق قبل التنصيب وبعد التنصيب ستكشف ما هو مخبأ من الأرصدة في كشوف حساباتهم في المصارف والبنوك الأجنبية التي ترهلت وانتفخت وتضخمت بسبب سرقة أموال الشعب المسكين ومص دماء الضحايا من شهداء المقابر الجماعية المنتشرة في جميع انحاء العراق

بعد تولي وزير الدفاع الجديد السيد سعدون الدليمي ولست هنا بصدد الدفاع عنه أو تزكيه مهام عمله في شهر أيار فتح تحقيقا حول بعض القضايا التي تخص الفساد الإداري حيث يُجري بعض المحققين العراقيين التحقيق في بعض التعاملات بالأسلحة والمعدات والتي أتم صفقاتها بشكل دقيق للغاية المسؤول الكبير والشخصية المهمة في وزارة الدفاع المستشار للشؤون العسكرية زياد القطان والذي لم يتم فصله الا بعد ان ألقت القبض عليه السلطات البولونية هو ومجموعة من البولونيين المتعاونين معه بعد أن أفتضح أمره في بولونيا وليس في العراق ، لقد تم الكشف عن صفقاته الوهمية وصدر أمر فصله من الوظيفة بعد إلقاء القبض عليه في بولونيا أو ربما تم ترتيب مسرحية هروبه ومسرحية إلقاء القبض عليه وتم أفساح المجال له للهرب وهذه تعتبر مكرمة له لانه سينجي بجلده مثلما فعل زميلاه وزير الداخلية السابق فلاح النقيب الذي يجلس في سوريا وبحماية البعثيين ووزير الدفاع السابق حازم الشعلان الذي أعلن استقالته وانسحابه من الجمعية الوطنية لمعرفته بحجم الفضيحة خصوصا وان أخبار الفضيحة قد تسربت بسرعة وما رافقها من إعتقال شريكه زياد القطان في بولونيا مع مجموعة من زمرته من قبل السلطات البولونية بتهمة عقد صفقات عسكرية وهمية

إحدى هذه الفضائح المهمة المتورط بها زياد القطان هي التي فضيحة شركة بومار البولندية لصنع الأسلحة وقيمة العقد الموقع تبلغ 236 مليون دولار أمريكي في شهر كانون الأول وذلك لتجهيز الجيش العراقي بطائرات مروحية وسيارات إسعاف ومسدسات وأسلحة رشاشة وأحواض خزن مياه إضافة إلى تعاملات أخرى لعقود مع شركة بومار وقعت السنة الماضية لحساب وزارة الدفاع ولصالح الجيش العراقي لتصل العقود الى صفقات تقدر بمبلغ إجمالي بحدود 300 مليون دولار أمريكي تكون حصة السيد زياد القطان بحدود سبعة مليون دولار فقط !

ذكر ذلك مسؤولون عراقيون عندما سافر بعض الخبراء العراقيين إلى أوربا للتأكد من شرائهم طائرات نقل ليكتشفوا أن الطائرات التي تبلغ كلفتها عشرات الملايين من الدولارات كانت طائرات واسلحة قديمة ويرجع تاريخ صنعها إلى
28 سنة مضت وهي خارج الخدمة ليرفضوا بعد ذلك جلب هذه الطائرات والعودة بها إلى العراق واضطروا أن يعودوا الى العراق بما خف حمله ورخص ثمنه وهي قهقهة إستهزاء عالية من التجار الوهميين والمستشارين الأمنيين العراقيين المحترفين في سرقة أموال وأمن ودماء الشهداء من العراقيين

هل سيتم الكشف عن ملابسات هذه الفضيحة ؟ ونشرها بشكل رسمي في وسائل الأعلام وهل سيتم فضح هذه الصفقات ؟ وهل سيتم ملاحقة هذا المستشار ومن عملوا معه ومن صادقوا على صفقاته وعلى كل من شارك في عملياته الأحتيالية ؟ وهل ستنطق لجنة النزاهة وتصرح عن نتائج تحقيقاتها لكي تلجم الشعلان والنقيب والقطان وكل المستشارين الأمنيين القابعين في القوقعة الكونكريتية الخضراء بعد ان كانوا يسيرون مكسوري الخواطر في بلدان المنافي قبل سقوط الصنم

نريد ان نرى قادتنا جميعا وخصوصا مستشاري الأمن منهم وقد تقدموا صفوف الجماهير ويسيروا معهم وبينهم جنبا الى جنب لا ان يحتموا بفيالق من الحراسات من أبناء عشائرهم وأقربائهم فاقت اعدادها فيالق زعيم العفالقة وطاغية العصر ونريد لمحاكمنا وقضاة التحقيق فيها ان يتذكروا محكمة المهداوي وصرخات الحق بوجه الظالمين وأعداء الشعب ومصاصي دماء الفقراء وناكري الجميل وتضحيات شهداءنا الكرام

ضياء السورملي ـ لندن
kadhem@hotmail.com
www.kadhem.net