الكورد الفيليه اول المستفيدين من الدستور الجديد


واخيرا لم يكتب اسم الفيليين في الدستور، الا ان اكبر المستفيدين من الدستور، في هذه النسخه ربما الفيليون انفسهم.

لنتجاوز القضايا العامه كالمرأه وقضية الدين والبيئه، فايجابياتها تشمل الجميع، وسلبياتها كذلك.

الماده (
4) وفي فقرتها اولا تنص على ان "اللغة العربيه واللغة الكردية هما اللغتان الرئيسيتان للعراق". واللغة الكورديه تشمل جميع لهجاتها المحكيه، كما هو الحال في العربيه، اي ان اللهجه الفيليه اصبحت جزءا من اللغه الرسميه بعد ان كانت شبه ممنوعه قبل عامين ونصف العام.

والفقره ثانيا تنص على "التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأي من اللغتين".

ورغم ما يعنيه هذا من اعتراف بالهويه، قد يعتبر ترفا نخبويا لدى البعض، اي ان يستطيع الحاكم ان يلقي خطابا باللهجه الفيليه، ليس الا!

الا ان البند (د) من هذه الفقره ينص على "فتح المدارس باللغتين على وفق الضوابط التربويه". والمدارس ولغتها هي الشريان الذي تعيش عليه اية امه وهي القاعده التي تضمن الوجود والحركه الجماهيريه، كما ان تضمن الدستور لهذا النص يعني الاعتراف الكامل بالهويه العراقيه، التي كانت مورد تشكيك ابان فترات الحكومات الشوفينيه السابقه. ولم يبقى سوى ان تكون الشريحه الفيليه بمستوى الوعي الذي يمكنها من الاستفاده من هذه الفرصه التاريخيه التي لم تتوفر للكثير من الشرائح في الكثير من بلدان الشرق الاوسط لتعزيز وجودها.

قانون الجنسيه، تلك اللطخة السوداء على وجه التاريخ العراقي الحديث، مسحت بالمطهرات في الماده
18 حيث جاء "العراقي هو كل من ولد لأب عراقي او لأمٍ عراقية"، ثم تشدد ذات الماده على هذا الحق في الفقره الثالثه بـ "يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سببٍ من الاسباب".

الوظائف التي كانت في عداد المحرمات على الفيليه هي الاخرى لم تعد كذلك، ففي الماده التاسعه -الفقره الاولي جاء النص التالي "تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي تراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او اقصاء".

الاعتراف بالهويه العراقيه للشريحه الفيليه، كمكون رئيسي، وانصافها في الوظائف، والتي اخطرها الجيش لا يعني ان الدستور قد خط خاليا من نقاط الضعف.

تجاهل الدستور اعادة الاموال والاملاك المغتصبه الى اصحابها الشرعيين، وهي مشكله لا تواجه الكرد الفيليه فحسب، بل العوائل الفارسيه المهجره التي عادت الى العراق، ابناء الشهداء، الكرد المرحلين من المناطق الكردستانيه المعربه، وحتى اليهود الذين هجروا في اواسط القرن الماضي دون وجه حق.

جاء في باب الملكيه الفرديه، في الماده 23 الفقره ثانيا النص التالي "لايجوز نزع الملكية إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل، وينظم ذلك بقانون"، واغراض المنفعه العامه وفق هذه الصياغه لا تبدو سوى عباره عائمه يمكن سحبها لاي ضفة، وليس هنالك ما يمنع استخدامها في اي شكل من اشكال التغيير الديموغرافي المقنع في المستقبل القريب.

عدم ذكر الفيليه بين القوميات المكونه للنسيج العرقي، لكي لا تبدو وكانها قوميه منفصله، اعتراف كامل بالهويه الثقافيه، ضمان الجنسيه، توفير فرص عمل متكافئه في اخطر وظائف الدوله، من جهة، ومن جهة اخرى عدم ايلاء الاهميه المتوقعه للمهجرين العائدين، ولا ايه اليه لاعادة حقوقهم المسلوبه. ميزان قد لايبدو متعادلا، يتطلب من الكورد الفيليين المثابره اكثر، ووعيا للضرف الزماني الذي يمثل انتصارا للقيم الانسانيه ليصبحوا حقا اكبر المستفيدين من اقرار الدستورالجديد.

حسين القطبي
tohussein@hotmail.com

المصدر: صوت العراق،
25/8/2005