العراق ، الكرد والكرد الفيليين و قراءة النتائج


بعد الحرب العالميه الاولى سنة
1919 اصبحت المانيا دولة ديمقراطيه وصاحبة برلمان و أعطيت المرأة حق الأنتخاب كما الرجل تماما. و أصبح لكل حزب ، الأشتراكيون الديمقراطيون ،اللبراليون ..و احزاب الوسط و اليمين من يمثلهم في البرلمان ، يتناسب عددهم مع اصواتهم الفائزه بالانتخابات، و تشكلت حينها مايطلق عليه جمهورية ويمار. و عندما سجل هتلر نفسه سنة 1918 في الحزب النازي و الذي كان حينها يعمل كمجموعة ضد للديمقراطيه الناشئه و كنتيجه للحرب التي استسلم فيها الالمان من دون خسارة المعركه . بّنت النازيه أفكارها بالاستفاده من النظريه العلميه لداروين و انشأت فكرة الداروينيه التاريخيه و التزمت فكرة الصراع بين الدول و الاعراق. العرق الاجدر في البقاء هو المنتصر و البقيه عليها الخضوع أو الأباده. و المجموعات البشريه كالغجر، المثليين، المعاقين و اليهود ما عليهم سوى قول الوداع للحياة لأنهم مصدر تخريب لنقاوة العرق الممتاز و سائر الملل الأخرى ماعليهم الى ان يكونوا عبيدا للأفضل الآري و اللطيفه أن من يرى كوبلز نفسه يعرف سخف ما كان هؤلاء المعتوهين يدّعنون!!! ، فكان الرجل نفسه متأخر جسديا اللهم ا! لا من لسانه الطويل الذي يصدق فيه فقط نظرية داروين للتطور. لم يكن النازيون ألا قله و لكن كنتيجه للأزمات التي حلت على الشعب الألماني بعد الحرب العالميه الاولى و بالأخص بعد سقوط بورصة نييورك المريع و مطالبة المستثمرين الامريكان في ارجاع امولهم التي استثمرت هناك حسب خطة داوس الأمريكيه لمساعدة المانيا أزداد التضخم و أصبح الملايين من الألمان بلا عمل و كعادة المجموعات الخطأ التي لا تعتاش الا في الزوايا المعتمه و على الفلتات الزمنيه بدأ أعداد النازيين الألمان بالتزايد ، اذ في سنة 1932 كانت الحاله السياسيه في أوج من الهرج و المرج و رغم ان اليسار الماركسي تضاعف عدده في البرلمان الى 100 عضو مستفيدا هو الاخر من الازمه الاقتصاديه الخانقه و الاشاره بأعجاب و باستمرارالى الدب الروسي الذي كان يعلن عن انتصارات صناعيه وألقاءه لوم اقتصاد ألمانيا السىء على الرأسماليه العالميه ، ألا أن العنصر الآري الممتاز أنتصرهو في النهايه و زادت اعداد منتسبيه من الجيش الشعبي الآري و بشكل مضطرد ، و زدادت مقاعده البرلمانيه من 12 الى 230 عضو و أصبح الحزب الاكثر و الاقوى . ذاك لنبوغ الجنون عند هتلر و جهود اعضاء حزبه ال! نشامى و رفع الشعارت ضد الجمهورية لقبولها الصلح مع المحتلين و التي كانت من أهم شعاراتها حين ذاك و يا للعجب !! .كان اولاد القائد الميامين جّلهم من الشباب المسلح و الذي يسهل تمرير الفكره الخطأ عليه . و نتيجة الأزمه المتعددة الأوجه و الخانقه ارتأت الكثيرمن الاحزاب الواقفه في اليمين الى للأتحاد مع هتلر و حزبه مندفعين من منطلق أن الحكومه القويه هي وحدها القادره على ضبط حالة الهرج السياسي وحل الأزمه الأقتصاديه الخانقه آنذاك و كذلك و هو الاهم الوقوف بوجه الرياح اليساريه الآتيه من روسيا الحمراء . و من خلال الوعود و الترهيب وبعد حرق خبيث لمبنى البرلمان و ألقاء اللوم على الألمان الحمر أصبح اليسار الحقيقى تحت الارض و ألغيت الديمقراطيه و بدأت مرحله جديده أعتلى فيه القائد الالماني الضروره سدة الحكم و صحاف من النوع الألماني الميكروفون و الديمقراطيه ذهبت مع كان و اخواتها.

في لقاء في منشن خريف
1938 اجتمع جمبرلن الانكليزي و دلداير الفرنسي و رضخوا للطلب النازي في جيكوسلفاكياو عندها و للأسف الشديد أصبح خط دفاع جيكسلفاكيا الاول بين أسنان الذئب النازي عملا رغم ان المجتمعين الاوربيين كانوا يظنون أنهم قد ضمنوا أمن اوربا و بنوا سد منيع أمام ألمارد الروسي و لكن هيهات ، فالجشع و مرض الجنون و حب التفرعن كاأحد الأمراض الخطيره التي تصيب البعض من البشر كان قد دب في جسد هتلر و استفحل ، نعم جمبرلن و دلداير و بكل بساطه قدموا عملا كل جيكوسلفاكيا، و ليس جزءها البروسي فقط، وهي الدوله التي كانت من احدث الدول الاوربية صناعيا، عسكريا و سياسيا، قدموها لقمه سائغه للمعتوه العنصري، وهكذا سقطت اوربا كلها و مرت بابشع حرب عرفها التاريخ الانساني . أفنى مجانين الفاشست مايقارب من 6 مليون يهودي ، نصف مليون غجري و 6 مليون مابين مخالف سياسي ، ثوار و ... اما اعداد ضحيا الالمان انفسهم و الملل الاخرى التي غزيت كانت بعشرات الملايين ناهيك عن الدمار الاقتصادي الشامل .....

و بعد خراب البصره بدأ غرب المانيا بعد الحرب قراءة المستقبل و النتائج هذه المره بشكل صحيح تماما فالنازيه و التطرف مهما صغرت تبقى كالسرطان و لو تسمح له الظروف الموضوعيه يبدأ يالانتشار في الجسم و يحيله ترابا بعد حين لذا طلق الألمان بعد نهاية الحرب الفكر النازي ثلاث طلقات و تزوجوا عوضا عنها المكائن، الديمقراطيه ،حقوق الانسان ، المساوة ، الحريه و ماركهم الالماني.

ان هذه الجمل السريعه ليست ألا أن نقول ان التاريخ هو عبره و أرض صالحه ليقرأ الانسان المستقبل و النتائج بالشكل الصحيح و ليس بالمقلوب و لكن كما قال الأمير ع ما أكثر العبر و أقل الأعتبار. ولكن ماهي العبر التي ممكن ان يأخذها الأنسان من هذا الكلام الذي لايعنينا اليوم بكثير !! فلا نحن ألمان ولا العراق جزء من أوربا ولا الاكراد رغم آريتهم يريدون غزوا العالم بل حقهم الطبيعي كسائر الأمم، جلنا مسلمين ودوعين طيبين جدا!! و لله الحمد . و لكن و الحمد لله على كلمة لكن ، العبرّة الاولى التي تمر في الذهن هو أن الكل بلا استثناء، الشباب الذي كان يجري كالاعمى ،احزاب اليسار و اليمين ، الطفل الالماني الذى كان قد ولد حديثا، ألمرأه ... ،رؤساء الاحزاب، قادة الجيش ، مراتب و القائد الضروره الالماني نفسه و الحمد لله ،الارض الالمانيه نفسها ، عشرات الملايين من ضحايا من انواع الملل الغير آريه و ما يطلق عليه اليوم بدول الجوار كانوا في نفس المركب الذي غرق الى القاع وأن كانوا مع أو ضد و أن ظنوا يومها أنهم في مأمن بشكل او باخر ، الاسباب التي ادت الى تلك الكارثه كثيره و لكن يمكن ذكر البعض منها و ! هي ميكافيلية و فاشستيت الدم الذي كان يجري في عروق زعماء الدول و تلهي احزاب اليسارو اليمين في مغازلة ما وراء الحدود و صراع العالم الغربي في الاستحواذ و الأبقاء على مناطق النفوذ و أبعاد المارد الألماني عن ساحات المياه البعيده أو ضمان أمن أوربا ، عدم الانسجام بين اليسار و الاحزاب اليبراليه الوسط و ترك هؤلاء الساحه للنازي الالماني يفعل ما يشاء ، لوي عنق نظريه علميه في البيولوجيا و صنع فكر مقيت و عنصري ، عامل الفقر و الازمه الاقتصاديه الخانقة و التي كانت بحق النار الاولى التي أضرمت الفتيل النازي و ساعدت على نموه و عوامل كثيره اخرى لا يسع ذكرها جميعا هنا .

اجمالا ،لو نقرب الصور الالمانيه هذه مع صورة ما حدث خلال الثلاثين سنه التي مضت في العراق ونقرأ النتائج و وحريق الفكرالعنصري الذي اشتعل وقوده نرى تقارب عجيب بين الصورتين ، و يا سبحان الله! و لكن هل هذا يهم الان و نحن نجونا و لله الحمد( بعد ألف يا علي) من سطوة النازيه العبثيه كما نجا الالمان يومذاك من سطوة النازيه الالمانيه !! . نعم، و لكن هل نحن نقرأ التاريخ القريب و المستقبل و النتائج و نحن نقف على اطلال بغداد كما قرأه الالمان يوما و هم واقفون على اطلال برلين و طلقّوا كل انواع التطرف و عوضا عنه فتحوا كل الابواب امام الفكر الانساني و الجدل الحر، أم لا !!

ألا تقترب هذه الصوره الالمانيه التاريخيه في كثير من معانيها مع واقع العراق الجديد أيضا و ليس فقط مع الحقبه الثلاثينيه الماضيه ، في بعض معانيها الشرطيه و النتائجيه مثلا و كأننا سنعيد الفلم من جديد لوأد الديمقراطيه الناشئه لا سامح الله( رغم عوامل التفائل الكثيره الموجوده هذه المره)، الموقف الامريكي المتموج الهدف ، غموض جهينة العراق الجديد رامسفولدي افندي ، تيارات جديده تلتفت حواليها باحثه عن أي شىء كان يصلح كه ايدلوجيه و فكره (اي شىء المهم عنوان) فقط لكي يعمل عليها كالتنكجي و يصنع منها صاروخ متطرف و يطير نحوا الصداره . الغزل مع ماوراء الحدود من افكار و تأثيرات، السنا نتفاعل مع واقع الارض آنيا و ليس في مداه البعيد و ننسى اننا في نفس المركب ، اذا غرق لا سامح الله سيغرق الجميع بلا استثناء . اليس النازي مازال حيا يرزق ناهيك عن كونه غنيا و بالمليارات و يترصد الفرص ليحرق البرلمان على من فيه لا سامح الله و يصبح الكل في عسره كرديا ، كان ام عربيا شيعيا ام سنيا تركمانيا ام كرديا فيليا ام مسيحيا ....الخ، هل عملنا غسيل دم لدماءنا التى تشج احيانا و تتطرف. اليس الفقر و البطاله في العراق اليوم أرض خصبه و خطيره جدا لزرع افكار متطرفه و غير عقلانيه و يهيء الناس لقبول أي كان فقط بهدف النجاة لا غير و هذا وان حدث و سنحت الظروف له النموا ستوّلد كوارث مدمره كما حدث في اوروبا في الاربعينات من القرن الماضى. نعم مقومات النجاح موجوده و كثيره و لله الحمد و لكن هذه العوامل الخطره مازالت تحيا ايضا.

العراق اليوم أشبه بمركب يمخر في طوفان من الامواج المتلاطمه وهذه الامواج لا تعبأ بركبان السفينه بل كل ما تريده هو تفريغ طاقتها الكامنه، غرق من غرق أو مات من مات، و لعبور المركب بسلام لحين هدوء البحر المحيط به يتطلب الامر الدقه في القياده و بعد نظر في حساب مكامن الضعف و كذلك يتطلب الامر من رواد المركب اي الجماهير و النخب ان يدركوا أن النتائج بشقيها المفرح و المحزن سينالهم بشكل أو باخر دون أستثناء ، حتى من ملك الاجرام قلوبهم سوف لن يستثنون من هذه المعادله و ما الحفره التاريخيه ببعيده عن هؤلاء . القائد الصحيح يقف دوما على الخط الممتد المستقيم اذ سيكون حينها يرى الامام امامه و يسير نحوها و الخط الذي يقع خلفه هو التاريخ، يعلمه و يشد من خطواته ، القائد الخطأ يقف في مركز دائره صغيره لا يرى سوى المساحه التي تحيطه فقط و لا يرى المساحة الهائله التي تلي محيط الدائره فلا التاريخ يعلمه و لا المستقبل سيراه بوضوح.

لا أكون منحازا لكرديتي لو قلت و حسب تصوري الخاص طبعا ، أن القياده الكرديه الحاليه تعي المرحلة جيدا فهم واقفون على الخط الممتد و المستقيم و هم يبنون في مركبهم الخاص الذي شاء التاريخ يوما ما و أبو ناجي أن يكون معقودا بحبال حديديه بالمركب الكبير و جزءا منه . و لهذا اصبح مصير المركبين واحد و هذا لحين ما تهداء العواصف و يكون لكل حادث حديث أولربما ساعدت الظروف والتوازن، عندها يمكن كتابة التاريخ من جديد و بهدوء. و نتيجة لهذه الرؤيا الواقعيه للقياده، نرى ان الزعيم جلال الطالباني تسلم رئاسة العراق كله و الزعيم السيد مسعود تسلم المركب الكردي و الاثنان يعيان جيدا أن مركبهم مازال معقودا بالمركب الكبير الذي لا زال يمخر عبر العواصف والاخطار و أن وا لحق يقال، الضغط من جماهير الكرد عليهم كبير، هذه الجماهير التي دفعت ثمنا باهضا لحلمها و حقها التاريخي و ما كان يدفعهم هو الشوق للابحار بمركبهم الكردي الخاص كما تبحر كل المراكب في العالم . لذا و لأمد ما مصير العراق كله يهم الكرد و نجاح العراق و نجاته هو و نجاحهم و نجاتهم ايضا ومن هذا المنطلق نرى قدوم الزعيم السيد مسعود الى بغداد بن! فسه فالتوازن و النسجام بين المركبين ضروريا لنجاح الكل . و هنا يستوجب ايضا الحذر و الدقه و الخطاب البناء و تضافر كل الجهود لانجاح التجربه الديمقراطيه الحقه و ليس الديمقراطيه ( ابو النص ربع) مادمنا كلنا على نفس المركب واقعا و عملا و حاضرا. نجاح الديمقراطيه ، دولة القانون، حكومة جاده تعي معنى المركب الوطن ، فهم التاريخ و الاسباب و النتائج ، قراءة التاريخ و تقدير الاخطار و التشديد على عوامل النجاح الكامنه و لكل هذا و ذاك دستور سالم غير ذي أعوجاج يبعد الاخطار و يهدأ العواصف و يحمل البشرى للجميع.

و لحديثي هذا (و لو دوخت راسكم) تتمه لان ما أريد قوله هو حول العراق، الكرد عموما و مايهم جزءه الكردي الفيلي خاصة

سلمان كريم
المصدر : صوت العراق،
10/8/2005