مات الفيليون ...!!!

الدكتور خليل شمه*
khalilshamma@yahoo.com
موسوعة صوت العراق، 4/4/2005

حديث يعود الى ما قبل ثلاث سنوات "ايام كان لنا فيها شرف المساهمة في القضاء على الصنم".
كتب الأخ الدكتور عبد الخالق حسين ( نداء الكورد – العدد السادس – حزيران
2002)، حذر فيه الكورد الفيليين من مغبة تشكيل تنظيم سياسي خاص بهم بحجة: " ان جميع الاحزاب الوطنية العراقية والقومية الكوردية ومن مختلف الاثنيات والاتجاهات، تتعاطف مع محنة الكورد الفيليين الآن وتبنت قضيتهم في برامجها السياسية... "
في الواقع كان ذلك ردا على ما كتبته في صحافة المعارضة ومنها صحيفة المؤتمر في
22-28/ ايلول 2001، وفي صحيفة نداء الكورد – العدد الرابع – تشرين الثاني 2001 . ورغم المودة التي تجمعني بالأخ الدكتور عبد الخالق حسين والاحترام الكبير المتبادل بيننا، لم أشأ في حينه الرد عليه لعدم رغبتي في اثارة مواضيع معتقدا باننا قد نجد لها ظروفا اكثر موضوعية مما نحن عليه - كان الهدف اسقاط النظام باي ثمن –
لقد كنت واثقا من ان الزمن لكفيل ان يعطي لكل ذي حق حقه. لقد كتبنا الكثير من البحوث والمقالات في الشأن العراقي والكوردي والدولي في آن. وناهيك عن الدراسات العلمية والاقتصادية، ساهمنا ايضا في تعرية تامة للنظام الديكتاتوري وما جره على الشعب من ويلات وانتهاك لحقوق الإنسان.
ما كتبته : " هل ثمة ضرورة ليشكل الاكراد الفيلية تنظيما سياسيا؟ - المؤتمر – ايلول
2001، وفي مقال آخر قبل اسقاط الصنم بشهرين – المؤتمر 23 كانون الثاني 2003 وكان بعنوان: " تهميش الدور السياسي للكرد الفيليين. لم يثير المقال حفيظة اخي العزيز عبد الخالق حسين لوحده، بل موجة العداء لمثل هذا الطرح قد فاقت حد المنطق عند المتشدقين به وعند الذين آمنوا بلغة الحوار. لست بصدد سرد ما لا يصح سرده الآن، ولا النبش عند حافات المواجع للتاكيد على صحة ما ذهبنا اليه قبل سنيين، تماما مثلما حصل مع دعوتي لتشكيل حكومة منفى وطنية عشية اجتماعنا في نيويورك نهاية 1999.
لو كان قد تم تشكيل حكومة منفى وطنية عام
19992000 لما كانت الادارة الأمريكية تختلق موديلا غريبا للحكم في العراق، ونقصد بذلك مجلس الحكم العجيب في تركيبته والغريب في صلاحياته. الجدير ذكره ان من الصعوبة بمكان ان تنتقد او تحمل فصائل من المعارضة مسؤولية عدم تنفيذ مثل هذا الأمر. السبب يكمن في كونك الطرف الذي يفتقد الى سلة تجمع كل اوراق اللعبة مقابل طرف هو الأقوى والمهيمن وصاحب فضل للمساعدة واتخاذ القرار وصولا الى تحقيق ما تصبو اليه.
على الصعيد ذاته، وحسب ذاكرتي، كان الدكتور احمد الجلبي الوحيد الذي المح الى مثل هذا السيناريو، وكان الأكثر جرأة في طرح قضايا حساسة وبالغة الخطورة، تتعلق بالمستقبل السياسي في العراق. وهو ما اثار تحفظات أمريكية ونحن في مؤتمر نيويورك
1999. اكتفي هنا بهذين السطرين الخاصيين بالمعارضة، لأن موضوع البحث يتعلق بمحنة الفيليين.
دعونا نبتعد عن لطم الخدود، أو البكاء على اطلال، كانت نتائج الانتخابات " الديمقراطية " الأولى في العراق قد جاءت عليها بشكل يصعب علينا نحن الفيليون حتى من تقفي آثارها، كما فعلت وتفعل امهاتنا الفيليات الثكالى منذ عامين، منذ التحرير والوعود، نابشات كل قبر وقبر من القبور الجماعية، وتلك اللاجماعية، بحثا عن أثر أو بدليل صغير يهدينا ولو الى عظام اخواننا، اخواتنا،خالاتنا، عماتنا، اباءنا، اعمامنا وووو حتى صغارنا وهم كانوا يرضعون.
تركن القبور، وهجرن الناس، ورجعن للديار، يفتشن عن سقف، أو متكأ، ليركنن اليه، عسى للبال أن يأخذ مأخذا يبعدهن عن فاجعة وهمَ اولادها الفيليين ومحنتهم وكارثتهم. صدقوني، لم تجد في هذا العراق الجديد احدا من حملة الوعود والمتبنين للأمور – كما اراد لذلك و توقع اخي الغالي الدكتور عبد الخالق حسين. لن اطيل الحديث عن هذا الموضوع، الذي لم ولن يستمع اليه احد منا. ولن اناقش حقوق الفيليين المغتصبة المنتهكة ولا عن املاكهم المسلوبه. فقط نرغب أن تعاملونا انسانيا، كما عاملكم الغرب " الكافر" عندما كنتم معارضة وحصلتم ذات الحقوق الخاصة بالمواطن المحلي - من جنسية وضمان اجتماعي وصحي وحريات...
هل تبنى أحدا منكم، أو منهم، قضية الفيليين .. يا دكتور عبد الخالق، وإن فعلتم .. اعلمونا لنشكركم ونشد من ازركم كما آزرناكم وقت الشدة والنضال والكفاح والتضحية بالمال والبنبن طيلة عقود وعقود. أم تريدون ادلة وبراهين اكثر على وفاءنا وشهامتنا وحبنا للوطن؟.
لقد ضيعتم الفيلي وضاع منكم. لقد خسرتم اعظم ظهير لكم ، وكان لفرط سذاجته، وطيبة قلبه وحبه للوطن، قد ضاع بين اليسار الشيوعي، مما أدى بالأنظمة العراقية الى محاربتهم بتعسف. وضاع بين اليمين وبين المذهب وبين القوم، ولا يزال هو في ضياع بل محارب، في حيرة من أمره ومن امر تهميشه. لا تقل ولا تحدثني عن الفيليين المؤدلجين. هم اخوتنا ونعتز بهم وبمناصبهم، ولكن محنة الفيليين لا تعنيهم بقدر ما يعنيهم أمر أحزابهم وتنظيماتهم السياسية غير الفيلية.
وعود على بدء: هل ثمة ضرورة ليشكل الكورد الفيلييون تنظيما سياسيا على غرار العشرات من الاحزاب الكوردية والتركمانية والكلدآشورية.؟؟؟
اجزم، أن مثل هذا التنظيم السياسي سيكون، قوميا، بمثابة السند الأكبر للتحالف الكوردستاني في وسط وجنوب العراق، ومذهبيا، الداعم الرئيسي لقائمة الائتلاف العراقي الموحد. وهنا لا يسعنا إلا الى دعوة القوى الخيرة في الوطن الى دعم هذا التشكيل السياسي الكوردي الفيلي لتحقيق ذاتهم واندماجهم بالمجتمع كمواطنيين غير مهمشين سياسيا او اجتماعيا.
وكما تعلم ايها القارئ العزيز، أن الضائع كالميت. فهل مات الفيليون؟ أم هناك من يريد لهم الموت!!.

(*) مستشار في الخارجية التشيكية